كمقدمة، ما يدور في ذهني منذ بداية كتابتي لعنوان التدوينة موجود في هذا المقطع:
https://youtu.be/NNh0Q-rZIN8
“أكتب هذه الأسطر وأنا أجلس مقاطعة ساقاي في السيارة، أنتظر والدي وأخي بينما ينتهون من شراء بعض الأشياء، بجانبي ثلاث شتلات ابتعتها من مشتل الياسمين لآخذها للجامعة غدًا. درجاتي في إحدى المواد تعتمد على هذه الشتلات الرقيقة الخضراء، أدعو بأن يتركنهن الطالبات وشأنهن حتى انتهاء المشروع، لأستطيع إحضارهن للمنزل ولأحصل على الدرجة الكاملة. لا أعلم كيف انقضى يومي سريعًا هكذا…”
وهكذا انتهت الرسالة بعد أن بدأتها، وأشعر بالخزي لأكمالها الآن بعد مضي أربعة أيام كاملة، كنت أخطط لنشرها في يومها لكن لم يتسن لي الوقت لذلك.
لا أعلم كيف انقضى يومي سريعًا هكذا، محاضرة في الساعة الثامنة صباحًا، بعدها قمت بعديد من الأمور المؤجلة إلى الظهر، سمعت حلقتين من برنامجيّ بودكاست في فترة الصباح، وهذا ما كنت وما زالت أفخر به بشدة، وفي العصر كنت مع أخي الأصغر في أثناء دراسته، وبعد آذان المغرب ذهبت إلى المشتل، وبعد صلاة العشاء تناولت العشاء أثناء مشاهدة طاش ما طاش، وتفاجأت بنظرة الاستغراب من صديقاتي عندما أخبرتهم بأنني شاهدت طاش ما طاش، لم أشعر بالغرابة لأنني أشاهده باستمرار “الناس يشوفون فريندز ولا ذا أوفيس وأنتِ تقولين طاش ما طاش؟” كيف لجدتي أن تفهم ذا أوفيس أو فريندرز؟ أشاهد الحلقة نفسها معها للمرة العاشرة بعد الألف وأضحك كأنها المرة الأولى، وليس الضحك من أجلي وإنما من أجلها، النشاط الوحيد الذي أستطيع أن أشاركها به. أتذكر العديد من الأفكار التي أردت تضمينها للتدوينة لكنني للأسف لا أذكر منها شيئًا الآن.
———
“في أيام كهذه، أتمنى إيقاف الوقت، والاعتناء بروحي وتضميدها حتى تشفى وتلتئم جروحها، عندها سأسمح للوقت بالانسياب من خلالي مجددًا.”
وهذه كانت بداية لتدوينة أخرج فيها مشاعري لأحد الأيام المرهقة، لكنني لم أكملها لشدة تنازع الكلمات في داخلي، تنازعت جميعها للخروج، لدرجة خسارتهم جميعهم في حرب التعبير ولم تتبقى لي كلمات لكتابتها. أعلم بأنني كتبت مقالة كاملة لشدة استيائي من كثرة الكتابات الكئيبة، وأخذت عهدًا بألا أكتبها، لكنها ترغمني على كتابتها، وأخسر دائمًا في حربنا ورهاناتنا، أدخل ملاحظاتي مجرجرة خيبتي وهزيمتي، أكتب خططي البائسة والمخذولة، وآخذ عهدًا آخر بأن أحذفها لإيماني بأن كتابة المشاعر الحزينة طريقة لتخليدها، لكنني لا أحذفها، وإنما أعيد قراءتها مرارًا وتكرارًا، وأقوم بنشرها، لعل قارئًا يطمئن بها ويشعر حينها بأننا على نفس المركب.
——-
“قلت لك ان هالمشكلة معي من السنة الي فاتت صح؟ أحس اني بلونة فيها موية، وبعدين السنة الي فاتت صار فيني ثقب وانكبت كل الموية، وهالسنة يوم جلست أحاول أعبي نفسي من جديد وأسكر الثقب انثقبت من جديد وطلعت الموية مرة ثانية”
“لكن قلت لك اني اقوى صح؟ ما طلعت كل الموية باقي شوي عشان كذا انا متماسكة الان”
وهنا أيضًا جزء من حوار لي مع إحدى صديقاتي، ولأن تعبيري كان فائقًا، واه كم أعجبت بمخيلتي، وأردت أن أجعلها قصة، لكنني لم أجد الوقت لذلك، ولا الفكرة، لذلك ظلّت الرغبة حبيسة مخيلتي، تنتظر مني تضمينها لقصة لتخلدها، وما زلت أفكر بكتابتها في عطلة نهاية الأسبوع، إن استطعت ذلك بالطبع.
———
قمت بالأمس برسم رسمة بالألوان الزيتية، وقد كانت تسكن قائمة مهامي لفترة طويلة، جدًا جدًا جدًا جدًا، وفي الحقيقة فهي ليست لي، وإنما هي وعد قمت به لأحدى صديقاتي بأنني سأرسم لها لوحة، وكان هذا في السنة الماضية، ولم أنسى وعدي هذا أبدًا، ولكن لم تسنح لي الفرصة لذلك إلا بالأمس، وأشعر بأن همًا قد انزاح عن قلبي أخيرًا، لأنني في كل مرة استلقي بها على سريري، أو أتأمل بها للوحة في مواقع التواصل فإنني أتذكرها، وأخيرًا أصدقت وعدي. كتبت في مذكراتي في قائمة امتناني اليومية، بأنني ممتنة لريناد، وسديم، ونجلا الطريقي والمنيع، صديقاتي، لأنهن الوحيدات اللاتي امتدحن رسمتي بجدية، وهن الوحيدات اللاتي يعلمن بأنني قادرة على هذا الإبداع وزيادة، وبالرغم من معرفتهم هذه إلا أنهن لا يتوقفن عن دعمي أبدًا، وكأنهن في بداية تعرفهم علي. ممتنة لهن وبشدة.
أملك لوحة أخرى مربعة أريد أن أجرب بها طريقة رسم لطالما أردتها، أريد بشدة تجربتها في يوم الجمعة، وإلى ذلك الحين، وداعًا.
——
*ملاحظة
أنا إنسانة فرحة بطبعي، ابتسامتي تسبق دمعتي، ولي من اسمي نصيب، وأعرف نفسي جيدًا، إلى حد كبير أستطيع القول، ولذلك فتعبيراتي الشقية ما هي إلا دقائق أو ساعات كحد أقصى عشتها في إحدى الأيام، وكثيرًا ما أردمها أو أتخلص منها بإحدى الطرق، لذلك فعند قراءتكم لهذه الكتابات فأتمنى ألا تتأثروا بها أو أن تتصوروا عني إحدى الصور، وما شاركتها إلا لغرض المشاركة وليس لطلب يد العون، وما أشقّها وأبغضها لقلبي كلمات المواساة والشفقة خصوصًا من الأغراب، لذلك أتمنى ألا تظنوا بي الظنون، وأنا سارة السّارة دائمًا.