رفوف بيضاء نحيفة على شكل مثلثات، وسجادة بيضاوية مخططة بالأزرق، وسرير خشبي ذو سيقان قصيرة، يجعل من السقوط على الأرض عادة يومية، ولكن مع ذلك، فهو على قائمة السرائر الأكثر مبيعًا. هذه آخر صيحات موضة أثاث غرف النوم، تنتشر هذه القطع بشكل مجنون وسريع على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، من يستطيع الإمساك بأي منها فقد استطاع اللحاق بالجميع، وهذا ما جعل منها أن تضع معدتها للبيع في إحدى المواقع لتستطيع تجديد أثاث غرفتها بتلك القطع.
“معدة غير مقصوصة، تتسع لقطعة لدجاجة بروستد كاملة، لا أعاني من أية أمراض، وسبب بيعي لمعدتي هو شراء قطع أثاث جديدة” هذا ماكتبته تحت إعلانها لبيع معدتها، لن تخبر أحدًا، ستذهب للتخلص منها بسرية، لعلّها بعد ذلك أن تفقد حياتها على سريرها الجديد إثر المضاعفات بعد العملية بدلًا من الانتحار، على الأقل لن ينتشر أنها قتلت نفسها بجرح رسغها، الموت إثر المضاعفات أكثر تشويقًا من انتحار عادي.
وفي انتظار عروض شرائية، تشعر بشيء ما، وكأن معدتها تقوم بثورة اعتراضية على القرار، تضرب يمينًا وشمالًا، الجزء الأيمن من جسمها أعلن تمرده، فبعد أن تتعب المعدة من الضرب، تتوقف للحظات لاتقاط أنفاسها بينما يقوم الجانب الأيمن بالعمل. لا يسعها سوى تغيير وضعية استلقائها على السرير لعل قيامها بذلك سيخفف الألم. تأكل حفنة من المسكنات، لا تفيد في شيء، تحاول أن تتقيأ لكن ذلك لا يجدي نفعًا، لا يسعها سوى الذهاب إلى دورة المياه كل عشرة دقائق، تخرج من دورة المياه لتسقط أرضًا فاقدة للوعي، تعود لوعيها بعد اشتداد الألم. فقدت الاحساس بالوقت، لم تنم ليومين، رعشة تسري في جسدها، لا تستطيع إمساك هاتفها، لا تستطيع الحديث، كل ما تستطيع فعله هو تقليب عينها في أرجاء الغرفة، هل ستفقد حياتها على سريرها هذا؟
تم نقلها للمستشفى، تلقت العلاج الذي قيل بأنه الحل الأمثل لهذا المرض الدوري، وبأنها خلال يوم ستعود كما كانت. لكن الوضع ازداد سوءًا، بدأت تهذي بماضيها، كلمات عشوائية تلفظها من فمها، غير مسموعة أحيانًا، وأحيانًا بصراخ، تضغط بيدها على معدتها محاولة قتلها، لكن معدتها ترد الصاع صاعين، تشعر بمعدتها تنعصر، كقميص مبلول يعصر لينشر على حبل الغسيل، تتقلب على سريرها، ولا تكفي مساحة سريرها الفردي لذلك، تتقلب على الأرض، كما لو كانت حيوانًا يعاني من الجرب، كما لو كانت تتحسس من الأرضية، لا يمكنها البقاء ثابتة، تحاول إيجاد وضعية تهدئ من الألم، ولكنها تفشل بذلك.
بعد يومين، بدأت المسكنات تعطي بعضًا من التأثير، تستطيع البقاء ساكنة لمدة أربعة ساعات بدون ألم، تستطيع النوم أخيرًا، لم تأكل شيئًا لمدة أسبوع، تحاول إحكام رباط بنطالها القطني لكيلا يسقط، خدودها غائرة، وشفاهها بيضاء، أقرب لشبح من إنسان.
تمسك هاتفها، تزور صفحة إعلانها، خمسة عروض شرائية، ترفضها كلها، وتحذف الإعلان.