استيقظ يوميًا في السادسة صباحًا، أفكّر بضغط زر الغفوة، إلا أنني استسلم سريعًا عن الفكرة، لأنني سأتأخر لا محالة. أقف أمام المرآة، أتفحص اتساع هالاتي، أفكر في الغياب بينما أجر قدماي لإعداد الفطور. أتناول المتبقي من عشاء الأمس، أو أي شيء يعطيني الطاقة لأضع بعضًا من المكياج بدون أن يغمى علي بسبب الإجهاد. أستمع لبودكاست غالبًا اختاره بناء على عنوانه، وما إذا بإمكانه بجعلي أضحك لأفيق من سطوة النوم. اختار ملابسي بناء على مزاجي بدون تخطيط مسبق بأسبوع كما كنت أفعل بالتحضيري، وغالبًا ما تغلب البساطة على الكشخة. أفرغ كل ما سمعته من البودكاست، وما حلمت به الليلة الماضية على رأس أخي أحمد في الطريق للجامعة، ويستمع لي مجبورًا غير مخيّر. أفرغ ما تبقى من سوالفي أو أكررها في الغالب على مسمع صديقاتي، إن حالفني الحظ بمقابلتهن قبل بدء المحاضرة.
دائرة متكررة من التحلطم ألا نهائي في منتصف المحاضرات، أغلبها عن مشاريع التخرج والاستبانات والبحوث. أسئلة عديدة عن الحياة بعد التخرج، وأجوبة أقل، نتبادل الخبرات والمعرفة، ونتواعد بألا ننسى بعضنا بعد التخرج والوظيفة.
“ريّح البال من الشقا تستريح
من هواجيسك على الخاطر تلوح
انهب الفرحه ترى عمرك شحيح
والسعاده ما تجي مع كل روح”
بالرغم من حلطمتي التي لا تتوقف في كل ثانية-وغالبيتها عن الدكتورة بحرف الخاء، والتي يناديها والدي بالقشراء- فإنني فعلًا أحاول الاستمتاع بالرحلة. أتحلطم هذا صحيح، إلا أنني أحول حلطمتي إلى نكت في غالب الأحيان. ولاحظت بأنني لست الوحيدة التي تحاول الضحك على أي شيء، وإنما غالبية زميلاتي، فبمجرد أن تلتقي أعيننا نضحك بلا توقف، نحارب شقاء الأيام بالقهقهة، وكأن معنى كفاح التخرج يكمن بمحاولة الضحك.
“سلكي، سلكي بس، ولا تحارشين” هذا ما قالته لي دكتورتي في محاولة لإقناعي بعدم حذف إحدى المواد. ولعلها لخّصت المرحلة بهذه الجملة. ومع أنني أتفق معها تمامًا بهذه الفكرة، إلا أنها لم تعدلني عن قراري، فقمت بحذف مادة، والأخرى في الطريق، ولا يهمني تاريخ تخرجي كأهمية حالتي النفسية. فمن المفترض أن أتخرج في هذا الفصل الدراسي، إلا أنني قررت التخرج في الفصل القادم، وهذا يعني مهلة أطول لكم للتفكير في هدية تخرج مناسبة لي.
“لا تكثرين تفكير باللي لازم تسوينه، إذا عندك شيء، ابدي اشتغلي فيه على طول بدون تفكير.” وهذه كانت نصيحة والدي بعد تراكم الهموم والأشغال على كاهلي. ولعل كثرة التفكير هي إحدى عِلَلي، فإنني أفكر، وأفكر، وأفكر بواجب طوله سطرين، بدلًا من البدء به مباشرة، أفكر به مرارًا، متى، وكيف، وهل، وينتهي بي المطاف أسلمه قبل انتهاء موعد التسليم بدقائق. وقد قمت بحل هذه المشكلة عن طريق تسجيل القيام بالمهمات في دفتري، بتحديد اليوم وأحيانًا الساعة، إلا أنني لا أملك رفاهية التسجيل في أي وقت، ولذلك أنسى القيام بهذه الخطوة، إلا أنه يتوجب علي العودة إليها بشكل عاجل.
وحتى تدوينة أخرى لا تتعلق بالجامعة وغثاها، إلى اللقاء يا أصدقاء.
*جاءني الإلهام لكتابة هذه التدوينة كتدوينة ظريفة، إلا أنها انقلبت إلى تدوينة وعظية حلطمية. نأسف لهذا الانقلاب الغير مقصود، ولنا عودة إلى التدوينات خفيفة الظل قريبًا إن شاء الله.