مررت بأكثر تقلباتي المزاجية خلال ثلاثة أيام، أفرح فأحزن وأغضب، ثلاثة أيام مرّت سريعة كأنني قفزتها أو هي قفزتني. لم أنل كفايتي من النوم بالطبع، ولا زلت أمر بتقلباتي المزاجية، وأظنها ستحتدم غدًا، لكنني أكثر احتمالًا لها من السنوات الماضية، وأكثر اتقانًا بالتمثيل في مشاركاتي المسرحية الحالية. على كلٍ، الحمدلله على انقضاء رمضان لا فاقدين ولا مفقودين، والله يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وكل عام وقرائي الأعزاء بخير وصحة ❤️.
اليوم الأول للعيد انقضى في المنزل، بحضور العائلة، ضحكات وعناقات دافئة وأخرى باردة، تهنئات متتابعة أجد صعوبة بالرد عليها جميعها. عاد لي لقب صالح العريض مجددًا، وفي اللحظات التي يخرج فيها صالح العريض من داخلي وفي اللحظات التي يقال لي فيها:”كأنك مرشدة طلابية” أعلم يقينًا بأنني سعيدة.
وأما عن اليوم الثاني فلقد انقضى في شاليه يبعد عن المنزل مترين، وبذلك نجونا بأعجوبة من كابوس “التأخير” والذي لم يكن واقعًا أبدًا، لأننا العائلة الوحيدة التي تأتي حتى قبل العامل المسؤول عن فتح الشاليه، ولا أنسى المرة التي ذهبنا بها لحفل زفاف قبل أن يتم تنظيف قاعته، فجلست أنا ووالدتي وجدتي وأختي على الكراسي نرفع أرجلنا عن الأرض ريثما يتم مسحها. يوم عيد ثاني لطيف انقضى بأحاديث عن موية الزلفي، والتي تدّعي ابنة عمي الرياضية أن ماء صنابير الزلفي هو السبب بانتفاش شعرها، وهي ليست إلا ادعاءات باطلة وكذب بقصد تشويه سمعة الزلفي، وهو ما لا أرضاه، والدليل على بطلان حجتها أن شعري أنا وأختي الزلفاويات لم يتأثر أبدًا بمياه المحافظة النقية، وأوجه الجميع إلى التحقق وإرفاق الأدلة قبل إلقاء التهم على أي شيء يخص الزلفي، رجاءً.
اليوم الثالث اختمه بكتابة هذه التدوينة بعد قراءة المئة صفحة الأولى من الحرب والسلم الجزء الأول، قضيت يومي بالمنزل بقلب خاو تقريبًا، لم أحضر لا اجتماع عائلة الجريسي ولا اجتماع أخوالي، وذلك لعدة أسباب احتفظ بها لنفسي، لم أرتدِ فستان العيد الذي انتظرته على أحر من الجمر، ولعلها خيرة. وأعود لذكر أن المصائب فعلًا لا تأتي فرادى، فلم تنتهي مصيبتي بعدم ذهابي لأي اجتماع رغم تجهزي الكامل لذلك، وإنما طلبت قهوة وبعض الحلويات لأتناولها مع عمتي، وقد أنفقت بهذا الطلب كل ما في رصيدي البنكي، وطلبت بها أيضًا ماتشا لأجربها للمرة الأولى، وللمفاجئة -أو كما المتوقع- لم يأتني من طلبي الذي يتكون من خمس أصناف سوى الماتشا، والتي صدمتني بطعمها الأشبه بالحناء، أخبرتني صديقتي نجلا بأنه يتوجب علي تغّصبها لأعتاد عليها، ولكنني حتى مع التغصب لم أستطع الوصول لربع الكوب. انتهى بي الأمر بعدم شربي للقهوة، ولم أباشر على عمتي، ولم أحصل على تعويضي بعد. ولم تنتهي المصائب هنا، وإنما احتفظ بباقيها لنفسي، وأختم مصائبي لليوم بانكسار قلم حبر أسود على مفرش سريري الجديد الذي لم أقم بوضعه إلا قبل أربعة أيام، وشمل الحبر المسكوب غلاف كتاب الحرب والسلم، ويداي كلتاهما. وأما عن انطباعي الأول عن الحرب والسلم أقول بأنها مذهلة! وأتوسم فيها خيرًا، صحيح بأنني نمت أثناء قرائتي لها، لكن تصير في أفضل البيوت. اعتقدت بأنني سأعاني مع الأسماء والشخصيات، إلا أنني أشعر بأنني أذكى مما أعتقد ولله الحمد.
لا أعلم ما يحمله لي اليوم الرابع للعيد، لكنني راضية بكل ما هو متوقع أو غير متوقع، ولا أتمنى إلا ألا تفارقني شخصية صالح العريض اليوم على الأقل.
وحتى الإثنين القادم، وحتى تعود لي أموالي من المقهى ويزول الحبر من مفرشي الجديد، إلى اللقاء يا أصدقاء.