أعتزم إنشاء نادي يجمع كارهي نهاية الأسبوع، لا أظنني الوحيدة التي تكره عطلة نهاية الأسبوع، أشعر بوجود من يشاركني هذا الإحساس لكنهم يختبؤون خشية الهجوم المضاد. لم أفكر بنشاطات النادي بعد، لكن ما أنا متأكدة منه أن يكون هذا النادي هو الداعم النفسي الأول لمشاركيه، وملجأهم الأول، ورفيقهم في نهاية الأسبوع الكئيبة أحيانًا والمرهقة أحيانًا أخرى.
لدي أسباب كثيرة لكره نهاية الأسبوع، أولها الدمار الشامل لنظام النوم. غالبًا ما تكون الزيارات العائلية يومي الخميس والجمعة، ولأنها محدودة فقط في هذين اليومين فتمتد إلى وقت متأخر من الليل، وذلك ما يمنعني من الاستيقاظ صباحًا. وفي الحالات التي استيقظ بها صباحًا بالرغم من سوء جودة نومي ليلًا، تقل انتاجيتي، ويزيد إرهاقي، فبدلًا من أن أنهي أعمالي وبدلًا من أن أرتاح، أتعب جسديًا من محاولات الحفاظ على نمط نوم معين، وآداء مهمات متراكمة، وأتعب نفسيًا من ملاحقة تلك الهموم لي طوال الثلاثة أيام، من الخميس وحتى السبت.
ثاني سبب يكمن في الزيارات العائلية نفسها، فتتكرر الزيارات وتتكرر معها الأحداث، لا أناس جدد ولا أماكن جديدة ولا نشاطات. وتكمن المشكلة في عدم القدرة على رفضها، فتغدو طقسًا من طقوس الأسبوع، وتركها يعد محرمًا من المحرمات.
السبب الثالث يكاد يكمن في عائلتي فقط، فلا نخرج من المنزل إلا لمامًا، وإن خرجنا فلا تتعدى النزهة الثلاث ساعات. ولا تخلو تلك الثلاث ساعات من نحيب وغضب وانهيارات عصبية، تغدو بها النزهة عقابًا بدلًا من ترويح، فنسعد للعودة إلى المنزل أكثر من خروجنا منه، وتكون الساعات التي تلي النزهة ساعات للشفاء منها. ومن هذه النقطة يتفرع سبب كرهي الرابع، وهو عدم الخروج من المنزل.
في الأيام التي نجلس بها بالمنزل في نهاية الأسبوع، وهي الأساس أصلًا، فالخروج من المنزل نهاية الأسبوع هو نوع من من أنواع الرفاهية، ولكن في الأيام التي لا نخرج بها ولا يزورنا فيها أحد، تغطيني الكآبة. كشخص يستسقي طاقته من الآخرين، عدم تواجدي في أي تجمع لمدة طويلة يجعلني خاوية، فأقع تحت ركود شديد، لا يستهويني شيء، ولا أود فعل شيء. ويزيد بؤسي إذا كانت لدي أعمال يتوجب علي القيام بها، بالرغم من عدم خروجي من المنزل، وبعدم وجود زيارات عائلية فمن المفترض أن تكون إنتاجيتي عالية، إلا أنني أفقدها بسبب فقداني للطاقة والرغبة للقيام بأي عمل. فيزيد حزني أضعافًا مضاعفة، فلا طاقة لدي، ولا عمل منجز.
تشكل نهاية الأسبوع في بعض الأحيان تهديدًا حقيقيًا، كونها اليوم المفتوح -أو الأيام المفتوحة- للأسبوع. فيغدو كل محظور مباح، وكل الخطط تتحول إلى كلمات تطير في الهواء. فيتم إقناعي في أحيان كثيرة على الإنفاق كونها أيامًا للاستشفاء من عناء الأسبوع، فأنفق للاستشفاء الذي سيتحول إلى حسرة في بداية الأسبوع. فتطير أموالي التي جمعتها في وجبة سريعة أو حلا مع القهوة تشتهيه والدتي من أحد المتاجر. وقد يتم استدراجي أيضًا لشرب القهوة بشكل مكثف، أو لشرب الغازيات بشكل مستمر، وهذا ما قد منعته على نفسي وما جعلته كقاعدة، فتكسر قاعدتي في نهاية الأسبوع.
لا يوجد أي استثمار في نهاية الأسبوع التي يتوجب بها أن تكون استشفاء حقيقيًا، فلا موازنة ولا هدوء. ركض طوال أيام الأسبوع ويستمر حتى في نهايته، إلا أنه يتخفى تحت عباءة الراحة والأيام المفتوحة، فلا أعلم كيف للاجتماع العائلي يوم الخميس بعد الدوام مباشرة أن يكون راحة؟ أو بثلاثة أسابيع مستمرة من الجلوس في المنزل أن تكون راحة؟ أتمنى لو نستطيع إعادة الزيارات العائلية في فترة المغرب في أيام الأسبوع، فتستمر الزيارة من المغرب حتى العشاء، فيتاح الخيار للعائلة بأن تقضي نهاية اسبوعها بدون زيارات لأنها تمت في وسط الأسبوع. وأتمنى بأن يخطط لنهايات أسبوع عائلية بنشاطات معينة، لا أن تكون قرارات وليدة لحظة. وأتمنى أخيرًا بأن تختفي عادة السهر، وفكرة أن السهر إشارة إلى الاستمتاع بالوقت.
يسود هذه المقالة السوداوية، وتعطي صورة لي بأنني أكبر كارهة للتجمعات والعطلات والسهر، ومدمنة للعمل والروتين، ولكنني بين الاثنيين، فما زلت أحب نهاية الأسبوع، وأحب السهر كذلك، لكنني أكره العشوائية فيها، وأكره أن تفسد خططي، وأكره أن أبقى حبيسة الجدران بتواجد الفرصة للخروج منها.
وحتى تدوينة الاثنين القادمة، -والتي ستكون في الإجازة- أتمنى بألا تكون تلك الإجازة سببًا لإنشاء نادي كره إجازة ما بين الفصول الدراسية، وإلى اللقاء يا أصدقاء.