
أكتب هذه التدوينة وأنا في وسط الضجة، منتزه نسائي واسع يتصادم فيه أغلب الأطفال أثناء ركضهم بين السجاجيد الحمراء. أضعت أغلب وقتي بالتنقل بين مواقع التواصل الاجتماعية مبررة سلوكي هذا بأنني لم أستخدمها لنصف شهر تقريبًا، وهذا ليس مبررًا كافيًا يرضي ضميري الذي بدأ يدور في رأسي ويصرخ فيّ. أحضرت جهازي اللوحي للعمل على شيء ما، لكنني لم أستطع؛ وبهذا أصبحت حبيسة المقاطع السريعة الغريبة، نحت كراسي خشب، إعلانات لأماكن بديعة في مصر بعد عودتي منها، وفتيات يجربن فساتين زواجهن للمرة الأولى. وبعد استسلام أمي عن التأمل والأحاديث، فتحت التيكتوك، وهذا ما يعني أن بطاقتي سقطت، ودوري كمهرجة انتهى، ويجب علي البحث عن شيء آخر لفعله، وها أنا ذا أكتب التدوينة في ملاحظات هاتفي، كما كنت أفعل في الأيام الخوالي، وأعتقد بأنني سأعود لها اختصارًا للوقت الذي يتسرب من خلال أصابع يدي، وسأعالج اعتقادي الباطل بأنني لن أكتب تدوينة جيدة ما لم أكتبها في برنامج الوورد.
مقدمة طويلة شعرت بأنني بحاجة لكتابتها، قمت بأشياء كثيرة، وقررت قرارات أكثر، وأغرقتني أفكار ومشاعر أكثر وأكثر. اشتقت للكتابة، وأتعبتني كتابة الرواية، أشعر بأنني بين نيران كثيرة ولست فقط بين نارين.
أنعم الله علي بالحج هذه السنة، وهي تجربة لابد لي من الكتابة عنها، وزرت مصر للمرة الثانية وهي أيضًا تجربة أخرى أود الكتابة عنها. بلغت الخامسة والعشرين ولم أكتب تدوينة الميلاد التي اعتدت على كتابتها كل سنة، عناوين لقصص قصيرة تملأ ملاحظات هاتفي، وكلمات تنازعني للكتابة عن جدتي. أعلل ابتعادي عن النشر بانشغالي لكتابة الرواية، لكنني أشعر بأنني أستطيع القيام بالأمرين معًا بالرغم من صعوبته. واحدة من القرارات التي اتخذتها وسأقوم بها فور عودتي من الإجازة هي عدم استخدام الانترنت في فترة الصباح، وسأستغل وقتي الصباحي بالكتابة بدلًا من القيام بأي شيء آخر. إن قمت بالنشر بانتظام فقد نجحت بتنفيذ قراري، وإن لم أنشر فقد فشلت للمرة المئة، لكن الأهم أن أستمر بالمحاولة. بالرغم من أن قرارات الإجازة مشكوك في نجاحها، إلا أنني سأحاول.
أعود من الإجازة بشهية مفتوحة للقراءة، آخر كتاب قرأته كان – أمهات الأشجار – وانتهيت منه قبل الحج بيوم واحد، ولم أقرأ بعدها شيئًا ظنًا مني بأنني سأملأ وقتي بالكتابة، إلا أن القراءة في كل مكان أسهل من الكتابة في كل مكان، وبذلك انتهت اجازتي بدون أن أكتب أو أن أقرأ. ومع ذلك، فزيارة مكان جديد والتأمل والانغماس بالحياة ومباهجها وأوقاتها المثيرة والمملة في أغلب الأحيان لهي تجربة تستحق العيش بين وقت وآخر، لذلك لم أندم على تأخري في القراءة والكتابة. وأقول تأخري في القراءة لأنني وضعت تحديًا في هذه السنة لقراءة مؤلفات نجيب محفوظ كاملة، ولهو قرار غريب مني ويغلب سبب اختياري لهذا التحدي أنه ولد في لحظة حماس بدايات السنة، لأن كتابة رواية وقراءة أكثر من خمسين كتاب خلال سنة واحدة لهي قريبة لكونها مهمة مستحيلة. ومع ذلك، فهو طريق أستمتع المشي فيه.
في أي سفر قادم، سأتأكد من وضع كتاب لأقرأه بدلًا من التحديق من نافذة الطائرة طوال الرحلة. كما أنني سأتأكد من العودة للنشر كل اثنين ان شاء الله.
وحتى الاثنين القادم الذي سأعود للنشر فيه بكل تأكيد هذه المرة، إلى اللقاء يا أصدقاء.