أغنيتها المفضلة كانت السبب في موتها

في اللحظة التي مدت فيها يدها، علمت أن هنالك خطبًا ما. شعرت بألم شديد في عضدها، ألم يجعلها تئن وتضغط بأسنانها، احتضنت ذراعها ومسدت عضدها، ومع كل لمسة كانت تشعر بأن عضلاتها تتمزق. فكرت في يومها بالأمس، أيعقل أنها آذت نفسها بدون أن تدري؟ لكنها لم تفعل نشاطًا جسديًا يذكر، غير تقطيع اللحم الذي أحضره والدها من المسلخ. هل من الممكن أن تكون عضلاتها تأذت من مجهود كسر العظام وفصل الشحم؟ مستحيل! فأمها لم تشتكِ قط من آلام العضلات بسبب ذلك، حتى هي نفسها لم تشعر مسبقًا بالألم من نشاط بسيط كهذا. وفي أثناء تواجدها في السرير وتحت اللحاف، التفتت يمينًا لتجد هاتفها في مكانه وبجانبه سماعتها السلك، التي تستعين بها في حالة ضياع الايربودز. تذكرت فورًا أنها استيقظت في منتصف الليل بسبب آلام ظهرها التي سببتها السماعة التي تسللت لمنتصف الفراش. أمسكتها بغضب وسحبتها ومدت يدها لأقصى الجهة اليمنى من سريرها لتضع السماعات، لكنها تفاجأت بشد عضلي قوي جعلها تتأوه في منتصف الليل وخلال الظلمة. لم تنم بعدها مباشرة حتى هدأ الألم، تصفحت تويتر والواتس بأعين نصف مغمضة، وعادت للنوم.

نهضت من السرير بهواجس وأفكار تجعلها تقوم بروتينها اليومي بدون أن تشعر. غسلت وجهها وقامت بروتين العناية الكوري ذي السبع خطوات، وبعد ان انتهت منه، جلست لتتأمل لمدة عشر دقائق. كانت لا تستسلم لأي ظرف يمنعها من روتينها، قامت بروتينها هذا بدون كهرباء، ومرة غسلت وجهها بمياه الشرب نظرًا لانقطاع الماء، حتى أنها تقلل من ملابسها أثناء السفر لتضع منتجات العناية الخاصة بها. قررت وكثيرة هي قراراتها، أن تقوم بتمارين البلاتيس فور استيقاظها وبعد فترة تأملها، لأنها لن تقفز لمرحلة الشيخوخة بنفسها، ستستعيد لياقتها، ولن تجعل من أي شيء أن يسيطر عليها ويؤذيها. قامت بالأمر لأسبوعين، لكنها توقفت بعد أن قالت بأنها ستضمن صباحها نشاطًا أبسط؛ لأن البيلاتيس أخذت وقتًا أكثر من المتوقع، ولأنها شعرت بأن النتيجة الحقة لا يمكن الوصول لها إلا عن طريق النادي الرياضي. تذكرت أيام رقصة الزومبا، وكم كانت تراهن على نجاحها وعلى نتائجها التي لاحظتها بعد شهر من الرقص اليومي! 

شغلّت ايبادها، بحثت عن المقطع الذي كانت تقوم بتقليده لكنها لم تجده، حتى شكت بأن المقطع كان من تأليف خيالها. وجدت بدلًا من المقطع أغنية حماسية كتب عنوانها “موسيقى تحفيزية خاصة للاستيقاظ صباحًا بكل نشاط” ضغطت على المقطع وتفاجأت بالنغمة الحماسية التي ابتدأت بها الأغنية! لم توجد مقدمات ولا بناء للحن، وإنما نداء للتصفيق وتحريك اليدين. ضحكت، قامت بتقليدهم وهي جالسة على كرسي المكتب، وقفت في منتصف الأغنية، قلدت المتبقي من المقطع وهي واقفة، وجلست لاهثة. قالت في نفسها:” هذي هي الأغنية اللي أبيها! برقص عليها كل يوم ان شاء الله” ولم تكن الحركات رياضية تعد بالرشاقة واللياقة، لكنها اختارتها على كل حال، الأهم أن تتحرك صباحًا. 

تستيقظ صباحًا، تغسل وجهها بسبع خطوات، وتتأمل لعشر خطوات، وترقص لخمس دقائق، يوميًا، في الحر، في البرد، وبمفردها وأمام الناس. تصفق بصوت عالي، تهبد الأرض بقدميها، وتهتز الغرفة حتى تنتهي الأغنية. 

في اليوم الخمسين من نظامها الصارم، وقبل أن تضع علامة الصح في خانة المهام اليومية والتي تحتوي على الرقص في بدايتها، قررت بأن تكسر الروتين وأن تكمل روتينها الصباحي في صالة المنزل العلوية. شغلت الأغنية ووضعت سماعات رأسها الايربودز ماكس ورقصت. دارت وصفقت وقفزت، تعرقت وضحكت، حتى دار رأسها وتعرقلت قدماها وسقطت من السلم. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top