تُخرج ملابسها الملونة من الدولاب، تحتار بين الفستان الأزرق أو الأخضر، تختار الأزرق؛ لونها المفضل أو بالأحرى لونه المفضل. تعارض الوالدة اختيار ابنتها بضربة على كتفها، معللة رفضها بأن الأخضر للصباح، والأزرق لاجتماع المساء. تعارض الفتاة والدتها، تتعرض للضرب مرة أخرى، لكن محاولاتها نجحت وارتدت الأزرق بالرغم من الضربات الحمراء على كتفها.
تتأمل نفسها في مرآة والدتها الطويلة، تبتسم رغم الدموع على خدها، تمسحها بسرعة، تبدأ الحديث مع والدتها كما لو أنها لم تُضرب إطلاقًا.
ترتدي جوربها الأبيض المزين بالدانتيل، وحذاءها ذو الكعب الصغير، صغير لدرجة ألا يرى، ولكن يسمع.
ومن أساسيات زينة العيد أن تكون كل الاكسسوارات مطابقة للون الفستان. شنطة زرقاء، حذاء أزرق، قبعة زرقاء إن كان العيد شتاء، أو طوق شعر أزرق صيفًا.
لم تكن فرحة العيد مجرد حلويات وملابس جديدة بالنسبة إليها، وإنما زيارة صديقاتها من المدن المجاورة، والأهم من ذلك أصدقاؤها.
الفترة الصباحية لم تكن بذات أهمية، لم يحضر صديقها المفضل، ولا حتى اخته؛ بسبب انشغالهم بعيد أعمامهم، لكن والدتها وعدتها بقدومهم باجتماع العيد المسائي.
تتمنى لو أطاعت والدتها وارتدت الفستان الأخضر في الصباح، ولا يمكنها الآن ارتداؤه مرتين، حزنت لفكرة أن يراها بغير لونه المفضل، لكن لا يوجد حل آخر.
تلتقي بجميع صديقاتها، تضحك معهم، تلعب، تركض، تؤدي دور الغير مهتمة بجدارة، إلى أن رأته يدخل بعد تناول العشاء لصالة النساء، تريد أن توقف قلبها عن الخفقان الشديد بوضع يدها عليه لكن لا فائدة، تحاول إخفاء ابتسامتها لكن لا فائدة أيضًا. تذهب لتلقي السلام، يرد السلام ويبتسم، يعطيها بعضًا من طراطيعه، كرتون صغير أصفر من القنابل السوداء، لعلمه بأنها تحبهم، تأخذها بغير اهتمام، بينما تخونها ابتسامتها، تغار أخته بينما تنظر إليهما، تسحب كرتون القنابل الصغير، وتبدأ بإشعال البعض.
ينتهي اليوم بعد لعب الكرة، وسباق الركض، وإشعال الطراطيع، وشجارات لا تنتهي مع الفتيات والفتيان الآخرين، وأخيرًا بوعد بأن يلتقون مجددًا في العيد القادم.
بعد عشرة أعياد، تنظر إلى كرتون القنابل الأصفر على الأرض، تتمنى لو أن يدخل الصالة بعد العشاء.