ابتدأ مشواري في العمل على كتابي في الحجر المنزلي في سنة ٢٠٢٠، في منتصف رمضان تحديدًا. قررت آنذاك الدخول في تحدي كتابة جديد، غصت في أعماق الانترنت، في الجهة العربية من العالم والجهة الغربية، لم أجد تحديًا كتابيًا مناسبًا، بدأت أفقد الأمل تدريجيًا، لكنني وفي آخر لحظة، وجدت مدونة تحوي تجربة كتابية لمدة ١٠٠ يوم، مقالة أو قصة لمدة ١٠٠ يوم كاملة. انكببت على قراءة الصفحات، صفحة وراء صفحة، لم أجد مدونة مثيرة للاهتمام قبلها أبدًا، انتشلتني من بطئ الأيام وخمولها. لم استطع إطباق فمي وإمساك أصابعي، بحثت بجد عن صاحبتها حتى وجدتها، وكم أنا فخورة بهذا الانجاز، فقد كانت تحرص على التخفي، وكانت آخر تغريداتها قبيل سنة على ما أظن أو أكثر، فكانت نسبة رؤيتها لمديحي لها في الخاص ضئيلة جدًا إلى معدومة. قضيت أول يوم وأنا أحدّث بعد كل ثانية محادثتها، أرجو أن ترد لكي أكمل شكري لها، لكنها للأسف استمرت باختفائها، لا أثر تمامًا، لا تغريدة، ولا إعجاب ولا أي شيء. في اليوم الثاني حاولت أن أنساها، لكنني فشلت بالطبع وما زلت أحدّث الخاص لعل رسالة أو حرفًا واحدًا يزورني، لكن لا الرسالة ولا الحرف زاراني، لذلك استسلمت، وهذه هي المرة الأولى التي استسلم فيها بهذه السرعة. في اليوم الثالث، وكنت قد استلقيت أمام التلفاز مع عائلتي في فترة ما بعد الفطور، لمحت الرقم ١ على أيقونة الرسائل الخاصة، أغمضت عيني ودعيت”يارب انها هي يارب انها هي يارب انها هي” وقد كانت هي فعلًا.
اتفقنا على الكتابة معًا، لمدة ٢٠٠ يوم، تزودني هي بالكلمات الثلاث، بينما أنا أكتب قصصي. وانقضت ١٥٠ يومًا تقريبًا، بـ ١٥٠ ملاحظة جديدة في هاتفي، قصص ومقالات وأفكار. لم نستطع الإكمال لعدة أسباب، لكن النتيجة كانت مبهرة.
لم أنشر إلا مجموعة قليلة من القصص التي كتبتها في تلك الفترة، ولم يكن النشر عامًا، وإنما لصديقاتي. قررت بعدها ألا تكون هذه القصص حبيسة هاتفي، وإنما حبيسة الصفحات.
كان قرارًا شجاعًا ومخيفًا في آن واحد، تطلّب مني عزمًا هائلًا، ملأتني العديد من الأسئلة”مين بيقرا قصصي؟”، “مين بيشتري كتابي أصًلا؟” ،”من وين لي الفلوس؟” ، “هل بتكون كتابتي تستاهل؟” ، “أنا قدها؟”.
لم استشر أي شخص، عزمت على فعلها بنفسي، تسلحت بكل ما حفظته في داخلي من شجاعة وإصرار طوال سنواتي السابقة، وأخرجتها دفعة واحدة.
واحهتني العديد من التحديات في الحقيقة، المورد المالي كان أولها، فأنا لا يوجد ما يصعب علي طلبه سوى طلب المال، حتى لو كان طلبي من والدي أو والدتي، فإنني إن طلبتهما مالًا فاعلموا بأنني قد دست على قلبي وعضضت لساني ولويت يدي لأطلبهما ذلك، وإنني سأتذكر هذا المبلغ ما حييت، وأخذت عهدًا على نفسي أن أعيده حالما أحصل عليه.
دخلت في جمعية مع مجموعة نسائية، أدفع فيها من مكافأتي الجامعية، واخترت شهر ٣ ميلادي بأن يكون دوري للحصول على نصيبي من المال. لم يكن شهر ٣ شهر الحصول على المال فقط، وإنما الشهر الي وضعته لنفسي بأن يكون آخر مهلة للتعديل على الكتاب وإنهاءه، فأنا كثيرة التردد، وسأستمرر بالتردد إن لم أضع موعدًا نهائيًا لنفسي لأنهي فيه كل شيء. أخذته المال، وأنهيت آخر التعديلات، وتواصلت مع دار النشر، وهذا كله تم بدون علم سوى بعض الأشخاص العزيزين على قلبي ليقدموا لي الدعم المعنوي الذي كنت أحتاجه، وقد قاموا بذلك بالفعل♥️.
قمت بالعديد من التعديلات مع دار النشر في أثناء اختباراتي النهائية في رمضان، أحسست بأوقات عديدة بالضعف لأنني حملت نفسي فوق طاقتها بالموازنة بين الاثنين، أو بين العديد من الأشياء، لكنني فعلتها. ذاكرت، صمت، كتبت، اختبرت، قرأت، وذاكرت لأخي الأصغر، وجهزت للعيد. من هي سوبرومن؟ لا يوجد سوى سوبر سارة.
أمضيت الأيام التي تليها في تخيّل اللحظة التي سيصدر فيها الكتاب، وبماذا يجب أن أرد، أو أن أرتدي في يوم الاعلان، أو كيف سأعلن عنه. شهر كامل تقريبًا من الانتظار إلى أن أعلن عنه في منتصف زفاف ابنة عمي، لم ارتدي فستاني الأبيض الذي خططت لارتدائه، ولم أكن بين الأشخاص الذين فكرت فيهم، ولا حتى في المكان الذي أردته، ولم أقل ما تدربت على قوله، ولم أظهر بوجهي التعبير الذي تدربت على إخراجه.
أصبحت فرحتي بزفاف ابنة عمي فرحتين، وأصبحت الشوكلاته ألذ بمرتين، وفستاني الوردي ومناكيري الأحمر ساحرين باهرين.
جاءتني العديد من التعليقات”ما نشوفك مستانسة”، “وين الفرحة”، أعتقد بأنني أفرطت بالخيال منذ المرحلة المتوسطة وحتى الشهر الذي يسبق الإصدار بكتابي، كنت قد علمت منذ بدايتي بالكتابة بأنني بمرحلة ما سأصدر كتابي الخاص، وأنها مسألة وقت فقط، وهي مسألة وقت حقًا. شفطت بنفسي جميع مشاعري، كمن يشفط بمكنسة كهربائية بقايا الأرز المنثورة على الأرض، والآن لم يتبقى لي حبة رز واحدة لأريها غيري، لأثبت للجميع بأن لدي أرز، بأن لدي مشاعر..
أردت بشدة أن يصدر كتابي هذه السنة، وسأذكر السبب قي تدوينة قادمة بإذن الله، بالإضافة إلى سالفة كيف خدعت دار النشر ههههه.
*حاشية
قام والدي بالنهاية بدفع قيمة النشر، واشتريت بمال الجمعية ١-كنبة ٢-مكنسة كهربائية ذكية ٣-ذهب ٤-كتب ٥-هدايا، والكثير من الأشياء😉.