الشمس تزورني من الشباك، أحب أشعتها لكن لا أحبذ اقترابها مني، أجلس على الأرض أوقع نسخة من كتابي، أفكر بإهداءها لصديقة بعيدة، سأقوم بإرسالها عن طريق أراميكس. تدخل أختي بكوب من القهوة، تعطيني إياه بابتسامة، أشربها بينما أفكر بالإهداء.
خرجت لمطعم قريب مع صديقاتي، نجلس في الجلسات الخارجية في الطابق الثاني، وأطلب شريحة لحم مع بطاطس مهروسة بالجبنة. أنتظر طلبي مع نقاشات غير منتهية عن العالم الموازي الذي لا أصدّقه بينما تصدّقه صديقتي، تنشأ الحرب، تُلقى الأدلة، تُحدد الأهداف، ضربات قاضية وخطط، الأهم الإقناع، لكننا لا نصل إليه. تنهمر الأطباق ومن بينها شريحة اللحم الخاصة بي، لا يتوقف الحديث عن العالم الموازي، لذلك أحاول وضع منطقة راحة نلتقط فيها أنفاسنا، أتحدث عن كتابي وتنجح الخطة، تتابع الأحاديث الأدبية بينما نحظى بعشاءنا.
فجأة، رسالة من رقم غريب تومض من هاتفي، ولأنني ألغيت خاصية قراءة الرسائل من الإشعار أضطر إلى دخول المحادثة، وتوالت الرسائل بهذا المجرى:”أهلين، وش اخبارك كاتبتنا سارة؟ أحب أقول لك إني معجب كبير بكتابك، وما ادري كيف قدرتي تكتبين أشياء زي كذا، أتمنى لو أقدر أحصّل على نسخة موقعك منك، هل هذا ممكن؟” ولأنني فتحت الرسالة فلا يمكنني تجاهلها، لذلك قررت الرد وإغلاق هاتفي بعدها إلى حين عودتي للمنزل، كتبت إليه:”أهلين وسهلين، الحمدلله بخير ونعمة وأنت؟ شكرًا جزيلًا ربي يسعدك، طبعًا ما عندي مانع أنا بمطعم سيسليا الآن، بجي مرة ثانية هنا بعد كم يوم، لو تقدر ممكن تعطيني إياه إذا جيت” ونسيت تمامًا أن أسأله من أين له برقم هاتفي الشخصي؟
أغلقت هاتفي وعدت لمحادثة العالم الموازي، انتهينا وعدت للمنزل بعد أن جف حلقي من محاولات الفوز بالنقاشات، وسلمت من إنفجار المثانة بسبب شربي الكثير للماء.
خرجت من حمام ساخن، ارتديت قميص نومي الوردي المُورَد وبدأت بتصفح ما فاتني أثناء خروجي. إشعارات كثيرة من الواتس، وجميعها من نفس المحادثة، وكانت:”ودي نتقابل بس مو الحين، صعبة شوي، وترا أدري إنك موجودة بالمطعم الحين، وأتمنى إنك ما تسكرين جوالك بعد ما تقرين الرسايل كعادتك، لكن صدقيني أنا مو بس معجب بكتابتك لكن حتى فيك أنتِ، واخيرًا استجمعت شجاعتي عشان اكلمك، وقبل ما أنسى نبتتك لازم تبعدينها شوي عن الشمس الي تدخل مع الدريشة لأن الشمس قوية عليها وممكن تضرها، وإذا جلستي على الأرض لا تجلسين على السراميك اجلسي على الفرشة ويفضل على وسادة أرضية، لأن الجلسة على السراميك مباشرة مضرة، وحاولي ترجعين بدري من المطعم”
لم أستطع التصديق، أخرج من المحادثة وأعود لها، أفرك عيني، تعتريني رعشة، ويقف شعر جسدي، أكتب وأمسح، أسئلة كثيرة، ومخاوف أكثر. وفي خضم هذه الفوضى يصبح الطرف الآخر متصلاً، يرسل لي:”ما تصدقيني؟ ليش ما تردين؟ طيب الحين عندي الإثبات، ترا والله أحبك مو قصدي شيء، بس أبيك تدرين وش كثر أنا أهتم لك” اقرأها وأحاول الرد لكنني لا أستطيع، أرى أربعة مربعات صور، لم تفتح بعد، وبعد دقيقتين، تفتح الصورة الأولى وكانت صورتي وأنا أوقع الكتاب، وتفتح الثانية وكانت صورتي نائمة، تفتح الثالثة والتي أرتدي فيها قميص نومي الوردي، وأخيرًا صورتي بينما أقرأ هذه المحادثات…
ووووو خلّص حلمي ههههه، حتى أنا ما أدري وش صار، حلمت فيه ثالث يوم عيد، ودي أكتب نهاية بس تخيل لو صار الحلم صدق وبعدين صارت نهايتي صدقية تبعًا لصدق الحلم؟ لا شكرًا ما أبغى أكتب شيء ويتحقق يمه، عاد ممكن اكتب نهاية واوزيها لي لحالي😜.
*حاشية
منيرة اختي مستحيل تسوي لي قهوة بدون ما أطلب منها ذلك، وبالواقع لازم اترجاها وادعي لها واعطيها بقشيش خخخ، وشكل عقلي الباطني يأمل إن شيء مماثل يصير لي
*حاشية ثانية
أتذكر ملاحقة الشاب لي، ووصوله إلى غرفتي، لكنني لا أتذكر وجهه، كان يرتدي قناعًا، وعندما دخل إلى غرفتي نزعه، لكنني لا أتذكر أي شيء قبلها أو بعدها.