أعتذر لوالدتي لأنني حولت النص عنها لحصة، وذلك بسبب طلب حصة مني، وهذا يعني بأنني أكتب هذا النص تحت التهديد.
تصغرني حصة بسنتين، ابنة عمتي، تدرس الأحياء، ذات شعر قصير وصوت حاد أطول منه. ولم أتوقع أنني سأتعمق بعلاقتي معها أبدًا، بسبب الفارق العمري أولًا، وبسبب المجموعات العائلية التي انقسمنا إليها، فهي دائمًا مع المجموعة الأصغر سنًا، بينما أنا مع مجموعة -البنات الكبار- كما يسموننا. تعمقت علاقتي معها أكثر بعد تطابق تصنيف شخصياتنا، نمتلك شخصية البطل ENFJ والتي لا أؤمن بها كثيرًا، إلا أنها توحي ببعض الرابطة. والآن بعد هذا التعريف البسيط عن حصة، دعوني أتحدث عن محبتي لها.
أشعر بالفخر في كل مرة أعرف بها حصة على أحد، فهي ليست ذكية وجيدة في الدراسة فقط، وإنما تندمج مع المجموعة بسرعة، تسيطر على الجو، يسمعها الجميع عندما تتحدث، مع طول قصصها أحيانًا، وسرعة حديثها إلا أنها تنجح بجذب انتباه الجميع. لا تشعر بالحرج عندما أدعوها للحديث، مع تحفظها في البداية على الكلام، إلا أنها تقيس الجو، تتفرس في الملامح، تتعرف على الشخصيات، ثم تنفجر بالكلام ولا أستطيع إيقافها. إلا أنها تسعدني بذلك، فآخذ قسطًا من الراحة عن الحديث بينما تستلم هي الدفة. وبالرغم من هذا، فدائمًا ما تنقطع راحتي واضطر إلى الحديث معها، فنقلب الجلسة كلها للانتباه لنا نحن الاثنتين، يغلب على حديثنا نشر الغسيل، لكنها تعرف تمامًا ما أتقبّل نشره أمام الجميع، وما أكره، وهذه صفة رائعة تمتلكها حصة.
تعبر حصة عن حبها في العناق، وقد تكون أكثر شخص عانقته في السنة الماضية، فهي تحتضنني في كل مرة تراني بها في الجامعة، سواء قابلتها في الأمس أم لا. وقد وصلت بها الحال إلى تتبادل الأحضان مع والدتي، وأنا التي لم أحضن والدتي قط، وأشك بأنها ستسيطر عليها، فلم يصل الحد إلى العناق فقط، بل إلى أنها أضافت والدتي في ستوري خاص في السناب تشات أيضًا، إلا أنني ممتنة لذلك، فسعادة والدتي من سعادتي.
قد لا تفهم حصة كل نكاتي، إلا أنها تضحك على كل ما أقول، وإن لم تفهم فهي تبتسم. وأعشق انفعالها في الألعاب، فأتعمد أحيانًا كسر القوانين والغش لأجل أن تمسك بي، فتصرخ كأن حياتها على المحك. وتحرص حصة على خلق جو ممتع، فدائمًا ما تقترح فعالية من نوع ما.
أعتقد بأن حصة تأتي في المركز الثاني من بعدي في الكرم، فلم أعبر عن حاجتي في يوم ما إلا وجدت استعدادها لتعطيني، ولست الوحيدة التي يشملها كرم حصة، بل الجميع، تزورنا حاملة صحن تيشزكيك أو فطائر، وتدفع معي لطلبات البقالة، ولن أنسى استعدادها الكامل للقيام بحفل تخرج لاختها، وحرصها على أن تشتري لي هدية تخرج لائقة.
مواقف حصة معي كلها لا تنسى، لكن أهمها وما أثّر بي بشدة هو طلبها لكتابي الأول، وإحضاره لاجتماعنا العائلي، وطلبها مني بتوقيعه أمام الجميع. لم أشعر بإنجازي حتى تلك اللحظة. في كل مجلس يجمعنا معًا، لا تكف عن التباهي بي كقريبتها الكاتبة، تعلن عن كتاباتي أكثر مني.
تختلف أذواقنا بالرغم من تشابه شخصياتنا، فتقوم حياتنا على الإرغام والقهر والكبت، أرغمها على مشاهدة المقاطع التي تعجبني وترغمني على مشاهدة المقاطع التي تعجبها، تمشي أمورنا بالقوة. يمتلئ هاتفي بكل برامجه بروابط ترسلها لي حصة لأشاهدها وأطلع عليها، أحيانًا قليلة أستجيب لها وأحيانًا كثيرة أنساها، ومع ذلك فلم يدعها ذلك لشن الحرب علي، وإنما اكتشفت طريقة مثلى لحل المشكلة، وهي أن تريني إياها مباشرة إذا التقينا، وأشيد بذلك لمن يريد أن يريني شيئًا، فكثير ما أنسى وأنشغل عن مطالعة جميع الروابط.
بالرغم من الفارق العمري القصير بيننا، إلا أنني فخورة بما أصبحت عليه حصة الآن، فشتان ما بين حصة في المرحلة المتوسطة والثانوية وحصة الآن. أكاد أعضها بحديثها عن الزواج، الأولاد كبرت فعلًا. أتذكر حصة سريعة البكاء، الهادئة، الخجولة، وتصدمني الآن بجرأتها وانخراطها مع الجميع، استعدادها لتطوير نفسها، جديّتها وفطتنها. تتعدد الأسباب لمحبة حصة، ولا أستطيع حصرها كلها هنا، فسيتطلب ذلك مني تأليف كتاب كامل. لكن الأكيد أنني أحبها بكل ما سبق وزيادة، أحب حصة بكل مراحل حياتها، وسأحبها بمراحلها القادمة كذلك، ولا أكاد صبرًا حتى تتفتح الوردة بالكامل.