بدون تخطيط، أنا في جدة، مول العرب، السينما، لوحدي وفيلم -It Ends With Us-
لظروف استثنائية وفي طريق مشمس الساعة الثانية وخمس وأربعون دقيقة، أحجز تذكرة وحيدة للفيلم الذي يبدأ الساعة الثالثة عصرًا، ربع ساعة تفصلني عن شارة البداية، نسلك طرقًا مغايرة لما تقترحه خرائط قوقل، ونسابق الوقت قبل السيارات. نتوقف لدى البوابة الرئيسية، الساعة الثانية وثمانية وخمسين دقيقة، أهرول في المول الذي أزوره للمرة الأولى، مسلّحة بمعلومة وحيدة، أن صالة العرض في الدور الثاني، ولا شيء آخر. أسارع الخطى، وكما قلت لمحمد عندما سألني إن كنت قد حضرت بداية الفيلم، أقول له:”وصلت وشفت الفيلم من البداية بدون ما أسأل أي مخلوق عن الاتجاهات، الفن بوصلتي.” وقبل أن أعطي رأيي عن الفن الذي حضرته، والذي فشل في جذبي وعطفي واستحساني، أكتب لكم عن تجربتي في الذهاب وحيدة لصالة السينما.
في البداية، عندما طرح موضوع ذهابي وحيدة، أجبت بسرعة:”إيه أبغى أروح لحالي عادي” وبعد أن حجزت التذكرة، مغصني بطني. كيف لي أن أجلس ساعتين وربع بدون أن أتحدث مع أي شخص عما أشاهد؟ وكان هذا همي الأول، وأما عن همي الثاني، ماذا أصلًا لو لم يعجبني الفيلم؟ لا يوجد من أتحدث معه لأمشي الوقت، ولا أستطيع تغيير اختياري بنقرة زر. إلا أنني وكما جرت العادة، وكما أقول دومًا:”fake it until you make it” مثلّت أنها ليست مرتي الأولى، وأنني جئت برغبة متقدة لمشاهدة الفيلم وليست بقرار اتخذ خلال ثوان، ومثلّت أنني ممن لا يتحدثون أثناء مشاهدة الأفلام، وتماديت لدرجة أنني أعطيت نظرات لمن ارتفعت أصواتهم بجانبي، وأنا التي لا تسكت تحت أي ظرف أو أي زمان. إلا أن الموضوع نجح، وكنت كمن أراد فعلًا الحضور وحيدًا.
خرجت من الفيلم وقلت:”أحس إني أبغى أروح لحالي أشوف فيلم العصر أكثرمن مرة، أبغاها تصير روتين” تميزت فترة العصر بأنها فترة تخلو من الحضور، لم يكن بالقاعة سوى خمسة عشر شخصًا على الأكثر، وكنت في صف كامل لوحدي، خلعت حذائي وتربعت على الكرسي. لم تفتني أي لحظة، وانتبهت للموسيقى الخلفية واختيار كلماتها ومدى ارتباطها بالمشاهد، لاحظت أن حبة الخال لدى البطلة لونها أفتح مما أراه في الصور المنشورة لها في المجلات والصحف، وأنها ليست بالحجم الذي تخيلته، بالإضافة إلى أنها أزعجتني بتكرارها لعض شفتيها عند كل جملة تقولها، وهو شيء لم أكن لألاحظه لو كنت أسولف مع غيري أثناء مشاهدتي للفيلم. خرجت من الفيلم وظللت أتحدث عنه لمدة ربع ساعة كاملة لمحمد، عن المشاهد والأفكار وعن الحبكة والكتاب. وقد يكون سحر المشاهدة وحيدًا وأفضل مميزاتها حكايتها للغير. فأنت الذي حضرت، وأنت الذي شاهدت ساعتين كاملتين من المحتوى، في مكان بعيد عن البيت، بدون توثيق بصور أو مقاطع، تحكي التجربة كاملة، بألوانها، برائحتها، وبأصواتها وحوادثها.
وأما عن الفيلم، فهو ليس فيلمًا للمشاهدة العائلية، توجد به مشاهد جنسية، ولقطات عنيفة. وقد تكون الأخيرة هي ما أثارت حنقي، فالضجة عن الفيلم كونه يساهم بتوعية الناس عن العنف، لم يكن العنف ظاهرًا فيه لأستطيع التعاطف مع البطلة، وكما قالت إحدى صديقاتي أنها حركة فنية مقصودة بأن البطلة غير قادرة على تحديد إن كان ذلك عنفًا أم لا بسبب مشاعرها التي تطغى على حكمها، لكنني أجد أن مشاهد التعنيف غير مقنعة لأستطيع التعاطف مع البطلة واستفزع لها إن صح القول. كما أن النهاية كنهاية أفلام ديزني، وكل شيء متوقع منذ بداية الفيلم حتى نهايته. لا أستطيع القول بأنه الفيلم المناسب للمشاهدة وحيدًا لأول مرة، لكنه فيلم تستطيع أن تشاهده وحيدًا بدون أن تحدّث أحدًا بجانبك عنه، أو حتى تحدث عنه أحدًا خارج صالة العرض.
أخيرًا، عن همي الثاني وخوفي من أن يكون الفيلم سخيفًا، فالحل بالخروج من الصالة. استوعبت أنني أحضر للفيلم بإرادتي، وأنني أستطيع الخروج منه ببساطة بإرادتي، لا أعلم لما كنت أشعر بأن الخروج من منتصف الفيلم لأنه سخيف أمر محرم وغير قابل للتنفيذ. لكنني ببساطة أستطيع الخروج منه عند أي لحظة أشعر بها بنفاذ صبري، وأستطيع الذهاب لأي مكان آخر كأنني قصدت ذلك فعلًا، وأنني ممن يشاهدون نصف الأفلام، إن كانوا موجودين. لا أعلم لما أشعر بأنني يجب أن أبرر خروجي من الفيلم للجميع، لكنني أشاهد نصف فيلم أحيانًا، ضعوا ذلك في الحسبان من الآن فصاعدًا.
حتى أشاهد فيلمًا آخرًا أستطيع الكتابة عنه بتدوينة كاملة، إلى اللقاء يا أصدقاء.
استمتعت .. هل ممكن نقترح تدوينه لكل يوم جمعة 🤍
بعتبرهامكافأة نهاية الأسبوع .صباح الجمعة وكوب قهوة وتدوينة لك🙏
يبغى لي امخمخها واشوف لي نظام لها، بس ما اتوقع انها بعيدة 🫡