لسنا عائلة عادية، كما ليس الأهلي فريقًا عاديًا، وما يجمع عائلتي بالأهلي هي عاداتنا الفريدة. بينما الجميع يحتفل بالعيد في أول يوم، نحتفل نحن في ثالثه، وأحيانًا نحتفل في خامس أيام العيد. يسافر الجميع في مواسم السفر، بينما نسافر نحن وحدنا في وقت غير مألوف. يأكل الجميع الأيسكريم الجديد بالليمون والنعناع، وينتهي من البقالات، تنتشر الشائعات بتوقف تصنيعه، ينساه الجميع لسنة كاملة، ويصل بعدها إلى بقالة حينا لنجربه بعد سنة كاملة من اكتشافه. وإن سافر الجميع للمريخ، سنبقى على الكرة الأرضية، نزور باريس للمرة الأولى وحدنا، كما اعتدنا. كما اعتاد الأهلي على اللعب على أعصاب مشجيعه وإبقائهم إلى آخر دقائق المباراة متمسكين بقشة الفوز، اعتدنا نحن على التمسك بقشة صغيرة تعطينا تجربة الإحساس الذي شعر به الجميع تجاه شيء ما في وقت متأخر جدًا.
سافرنا إلى الخبر وقمنا بالسكن في الدمام بعيدًا عن معرض الكتاب الخاص بالشرقية، فأنظر إلى لوحاته ولا أستطيع الوصول إليه. نخرج من الرياض ونلتقي بباصات الهلال متجهة إلى الرياض ولم نحضر مباراتهم. نذهب إلى الرياض قبل بدء فعاليات اليوم الوطني ونعود قبل أن تبدأ بساعات. نخرج من الشاليه متجهين للمنزل، ونشاهد صور سيارة الايس كريم التي وصلت للشاليه بعد خروجنا منه.
وفي يوم السبت، وأخيرًا وبعد طول انتظار، كسرنا طوق العادة الذي يربطنا، وخرجنا مع جدي لمشاهدة احتفالات اليوم الوطني في إحدى الحدائق. قمنا بشراء عشائنا، رتبنا السيارة، وضعت منيرة أختي مكياجًا أخضرًا وارتدى فيصل أخي جواربًا خضراء، وكل هذا لنشارك الجميع فرحة الاحتفال. العقبة الأولى التي واجهتنا هي نسيان جدي للطريق المؤدي للحديقة، فبعد عدة لحظات عصيبة وقليل من الشتائم للمطبات، تذكر أخيرًا الطريق المؤدي لها. أخذنا مكانًا لنا بين السيارات التي تمشي على طبق من البيض ورغوة الصابون من البخاخات، واستغرقنا عشر دقائق لنتحرك قرابة الكيلوالمتر الواحد، بين عدد من الأغاني الغير مختارة بحرص، وأولاد كثر لا يجدون ما يفعلونه غير القفز والاستملاح الذي ستقول عنه جدتي – على غير سنع- وكان هذا كفيلًا بتصعيد الأمور لدى جدي، الذي في الأساس تصعد لديه الموضوع مسبقًا بتغيير الطريق المؤدي للحديقة، فلم يأتي المنعطف الأول حتى أخذه جدي، وكنا السيارة الوحيدة التي استلسمت عن الدخول للحديقة قبل الوصول إلى بوابتها، رغم اقترابنا الشديد منها، إلا أن جدي كان لديه رأي آخر.
أصرت جدتي على أن تحقق أمنيتنا برؤية الاحتفالات، فأخذنا جدي لها في الساعة الثانية والنصف فجرًا، ومجددًا، غمرنا إحساس الألفة، إحساس الوحدة الذي اعتدناه، كنا الوحيدين في الحديقة، مع بقايا احتفال ابتدأ بعد صلاة العشاء. نشاهد القوارير مرمية على الأرض، والأعلام واللوحات في كل مكان، كمدينة ملاهي مسكونة، لا يوجد سوانا، وعلب بخاخات الثلج التي أضاعت القمامة.
لم نكن بالمعنى الحرفي وحدنا لأكون صادقة، بل مع بقايا محتفلين، أطفال غيروا ملابسهم لملابس النوم، سيارات أيسكريم بنكهات منتهية سوى من الشكولاته، وسيارة هايلكس قام صاحبها بإزالة علم المملكة ووضع علم النصر، إشارة إلى انتهاء الاحتفالات، وعودة الجميع إلى روتينهم اليومي، بينما نحاول أنا ومنيرة أختي التقاط الصور لبعض بقايا الاحتفال لننشرها على مواقع التواصل.
أشجع الهلال، وبالرغم من اختلافي عن فريقي بكون الهلال دائمًا أول المتصدرين وأول الحاضرين، أكون أنا بمثابة المشاركين في دوري الدرجة الأولى، أنتظر اللحظة التي أكون فيها أول من يحضر منصة التتويج، وأول من يحتفل بالانتصارات. أرى من هذا المنبر أن الأهلي هو الفريق المناسب والملائم للعادات التي نشأت عليها، ويبقى السؤال، هل سنتغير نحن أم سيتغير الأهلي؟ -حسبتوني بقول ويبقى السؤال هل بأكون أهلاوية؟ مستحيل طبعًا.-
وحتى تكون عائلتي في الطليعة وأول المحتفلين والزوار وأول من سيجربون نكهات الايسكريم الجديدة، إلى اللقاء يا أصدقاء.