الإلهام للشخصية الرئيسية يتمحور حول المعطرات

Edvard Munch – The Scream

الهوس والإدمان يأخذ عدة أشكال، إدمان الألعاب الالكترونية، إدمان لإحساس، إدمان للطعام، إدمان حتى نكهة معينة كالفراولة والبرتقال، وأما هي فقد أدمنت معطرات الجسم، تشتريها بشكل اسبوعي، ابتدأت مهمة جمع كل روائح المعطرات بشراء معطر واحد كل أسبوع، إلى اثنين، حتى ثلاثة وأربعة. تغضب أمها وتقسم بأنها سترمي كل العلب في القمامة، فالأم تراه إسراف، والابنة تراه سببًا للعيش.

تضع العلب داخل الأدراج، وتقسمها حسب الرائحة، روائح فواكة، روائح لفترة الصباح وروائح لفترة المساء، ولا تستخدمهم أبدًا، سوى في المرة الأولى لتستطيع التوزيع. بعد امتلاء الأدراج بدأت بصف العلب داخل دولاب ملابسها، تخرج قميصًا وتدخل أربعة علب جديدة، تخرج بنطالًا وتدخل ثلاثة علب. لم يتبقى مكان للملابس في الدولاب، وضعتها على سريرها، تنام بين ملابسها وعليها. تقوم حرب بينها وبين والدتها بسبب الفوضى التي تحدثها الملابس، لم يعد باستطاعتهما أن يفرقا بين الملابس النظيفة والمتسخة.

تطلب من إخوتها أن يعيروها أمكنة للتخزين، فتضع بعضًا من العلب في سلة الألعاب لدى أخيها الأصغر، وبعضًا في خزانة والدها، تحت المعاطف والثياب، وأخيرًا في العلية، في الغرفة المهجورة في سطح المنزل، الغبار والسحالي ومعطرات الجسم جنبًا إلى جنب.

لم يعلم أحد في العائلة عن هوسها هذا، تحاول طمسه عن الجميع، وتحترف المكر والخداع. في المرات التي تشتري فيها عن طريق المواقع تحرص على الشراء باسم مستعار، تطلب توصيل المعطرات في أوقات غياب أسرتها، إما خلال ذهابهم للمدرسة والعمل أو خلال الزيارات، فتتخلف عن الخروج من المنزل لاستقبال الطلبات. وعند الذهاب للمتاجر، تضع المعطرات في السلة تحت مشتريات أخرى، وأحيانًا تضعها في حقيبتها الخاصة وتستغني عن أكياس المتاجر.

عند عودتها للمنزل بعد يوم جامعي طويل، تستقبلها رائحة نفاثة، المنزل يعبق برائحة قوية، يؤلمها أنفها وتبدأ بالعطاس، ومع كل خطوة للطابق العلوي تزداد الرائحة، تقودها لغرفة أختها الصغرى، تدخل لتجد أختها تمسك بمغرفة طويلة بيدها اليمنى، تقوم بالتحريك في قدر حديدي كبير، تغوص هي والقدر بين علب بلاستيكية مهولة، علب معطرات الجسم التي قامت بكنزها في الغرفة العلوية، وعلب أخرى شفافة وصغيرة كثيرة.

تقوم أختها بسكب كل علب المعطرات في القدر، تخلط ما تظنه سيكون أفضل بعد دمجه مع روائح أخرى، وتصب ذلك المخلوط في العلب الشفافة الصغيرة التي جهزتها على جانبها الأيسر، تبتسم بمجرد رؤية اختها الكبرى وتقول:”والله ما تصدقين كم علبة لقيتها من المعطرات في بالسطح، ما ادري من حقاته بس شكل أهلي ناسينها، عشان كذا قررت أستفيد منها وأخلطها وأبيع منها باليوم المفتوح، وش رايك؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top