أعترف أنني وضعت نفسي في موقف صعب، وهذه ليست المرة الأولى، ولا أعتقد أنها الأخيرة. كتبت بأن تدوينة هذا الأسبوع ستكون مميزة وتستحق الانتظار، ولكنني بإعلان عقد قراني فقدت الشغف في رواية الأحداث، كوني أفصحت عن المفاجأة، ولم يتبق لي ما أفصح عنه. إلا أنني سأحاول ذكر بعض اللحظات السعيدة التي ما زلت أفكر فيها حتى هذه اللحظة.
في الأسبوع الذي يسبق عقد القران، نجتمع في فناء منزل خوالي، أنا وإخوتي وخالتي الكبرى وجدتي. أقول لجدتي التي اشتهرت بالحضور متأخرة لكل المناسبات:”عاد يا ماما عمشاء لازم تجين تصلين المغرب عندنا، لا تتأخرين ولا بزعل” لكنها تأخرت بسبب كشتة خوالي بالسبلة. قالت جدتي:”أمس وحنا فرحانين فيك مولودة والاسبوع الجاي ملكتك” وأضافت:”يوم انولدتي اجتمعوا عندنا ناس لنا سنين ما شفناهم، وقالوا لنا إن سارة كلها بركة جمعتنا” ولم أستطع تخطي تلك الجملة طوال الأسبوع، إلى أن جاءت الملكة وقالت عمتي:”سارة كلها بركة، جمعتنا مع خوالها وعرفتنا على أهل زوجها” وجمل كهذه حتى وإن كانت مجاملة فهي لا تنسى، وأسأل الله أن نكون مباركين أينما كنا، وأن يحفنا بالخير والطيبة في كل مكان. وبالحديث عن جدتي عمشاء، فهي لم تحتضنني في حياتي قط، وتستقبلني كل أسبوع بشرهة جديدة، حتى قبل السلام، وأقصد بالشرهة الزعل الغير مؤدي للقطيعة، وغالبًا يراد به اختبار محبة الشخص الآخر، إلا أنني أرد لها الصاع صاعين، ونتراشق أنا وهي بالشرهات حتى انتهاء زيارتنا لها، ولعل ذلك مسموح لي كوني حفيدتها الأولى، وإلا لكان لجدي وخوالي حديث آخر. إلا أنها في عقد قراني حضنتني قرابة الأربع مرات، وهذا ما يجعلني أفكر، هل يتوجب علي الزواج لأحتضن من جدتي؟ وهذا ما سأتشره به عليها في زيارة الأسبوع القادم.
“لا أملك في الدنيا إلا قلبي، وقلبي عزيز لا يأخذه إلا عزيز”
أعترف بأنني في الحديث عن الزواج أخشى وضع قلبي في غير محله، وأنا -إن التفت، ما التفت بعضي، التفت كلي- وفي حديث تنصحني فيه أروى ابنة عمتي من النصائح التي ليست في محلها تقول فيها:”لا تطبخين له زين من أول مرة، خليه ينبهر بتحسنك كل مرة” رددت عليها ضاحكة:”ما أقدر، أنا إن أمطرت انهمرت” ولعلها لم تكن نكتة، بل حقيقة مغلفة بضحكة تخفي بساطة مشاعري، التي جعلتني في خوف دائم من أن توضع في غير مكانها. وفي اختياري لمحمد أعلم أنني وضعتها في مكانها الصحيح، أو على على الأقل حتى هذه اللحظة، لأنني لم أجرب العيش معه تحت سقف واحد بعد، إلا أنني مما أعرفه عنه، فهو الشخص الذي سيستقبل انهماري باهتمام شديد، وسينبهر في كل طبخة أطبخها حتى ولو كانت بدون ملح كما يحدث دائمًا. وهو الذي كان يدعو في صغره بأن يتزوج مثقفة، سأحرص على أن أفجّر رأسه بالحديث عن الكتب، ولأنني اثنين في واحد، مثقفة وكاتبة، لن ينجو من كونه محتوى في تدويناتي، فالزواج من مثقفة وكاتبة، يعني أن تكون محتواها.
الكثير حدث، والكثير سيحدث، أتمنى أن نكون جزءًا من دعواتكم، وأتمنى أن تأخذوا صفي لا صف محمد في المستقبل، وأتمنى أن تكون هذه بداية جديدة مباركة، مليئة بالإلهام أولًا، لأنني كاتبة وهذا ما يهمني، وثانيًا بالحب والعطاء والسعادة، وأتمنى أن تجد قلوبكم العزيزة عزيزها.
وحتى الاثنين القادم بدون ضغوطات، إلى اللقاء يا أصدقاء.