كومة، درجة الحرارة، ذكرى

كومة

اكتب هذه الأسطر وأمامي كومة من الكتب، منها كومة الكتب التي انتهيت من قراءتها السنة الماضية ولم أرجعها لأماكنها، وأخرى كتب أود قراءتها، وكومة ثالثة من الكتب التي انتهيت منها لهذا الشهر. قرأت هذا الشهر سبعة كتب، وأظنني لم أصل لهذا العدد من قبل خلال شهر واحد. ويرجع السبب لنمط نومي الذي أحاول الحفاظ عليه بشق الأنفس، وليالي الشتاء الطويلة التي أقضيها أمام التدفئة، وبالتأكيد الوقت الوفير الذي يسبق مباريات المنتخب في كأس آسيا. 

في هذا الشهر، بدأت أخسر إعجابي بهاروكي موروكامي. لم يعد موروكامي يذهلني، لم أعد أفكر بالرواية مرارًا، كل ما يجول بخاطري أثناء القراءة “طيب وبعدين؟” اكتشفت النمط الذي يكتب به موروكامي، لم يعد يلهمني بأفكاره، أصبح متوقعًا. ولا يعود اللوم عليه، فهو حر في كتابة ما يريد، لكنني ألوم نفسي على شدة انتباهي وذكائي. وقررت قرارًا مصيريًا، أن أقرأ باقي كتبه بالكندل، بدلًا من شراءها وتضييع مالي عليها. وهذا قرار خطير لا يرجو أي قارئ أن يصل إليه، أو أن يرغم على فعله. ومع أنني أعشق الكندل، وأقول بأنه أفضل استثمار قمت به، لكنني أعشق الورق بنفس المقدار تقريبًا، ولدي صورة واضحة في ذهني لمكتبتي المستقبلية. فقرار القراءة بالكندل لهاروكي موراكامي لهو قرار قوي مني الصراحة. 

درجة الحرارة

منذ كنت في الثالثة، يخبرني الجميع أنني نسخة والدي، ولو أنني أشك بصحة هذه التشبيهات، إلا أنني الآن أشبهه حتى بالتصرفات. قد يكون ذلك بسبب كوني المولودة الأولى، فالمولود الأول والابن الأكبر يصبح نسخة مصغرة عن والديه بالرغم عنه. وقد أكون تحت تلك المظلة، أو أنني بالفعل أجد ما يفعله والدي مقنعًا وأقوم بما يقوم به بقناعة تامة، وهذا تصريح خطير مني ويجب أن أراجع نفسي. 

في هذه الأيام، درجة الحرارة متوسطة، ليست بأيام حارة وليست بأيام شديدة البرودة، وأعني أن والدتي لم ترتدِ شالها الصوفي في المنزل بعد. ولكنني لسبب ما أمشي وأشغل التدفئة، وأرغم اخوتي على ارتداء المزيد من الملابس، وألا يخرجوا بدون ارتداء القبعات. أمشي وأنصح الجميع بألا يشربوا المشروبات الباردة، وأن يشربوا الشاي ليدفئوا أنفسهم. حتى أنني أجبرت الجميع على أن نتناول غداءنا في فناء المنزل تحت أشعة الشمس، وهذه تصرفات لا يفعلها أب عادي، وإنما أب متقاعد. 

ذكرى

دخلت اليوم غرفة جدتي لأضع جاكيت والدي في المعلاق الذي اشتريناه حديثًا. وقد كان السبب وراء شراء المعلاق هذا الزيارات الكثيرة التي تحظى بها جدتي، فعند قدوم الكثير من الزائرات، لايجدن مكانًا مخصصًا ليضعن به عباءاتهن. فاشتريناه لحل تلك المشكلة، إلا أن جدتي نفسها لم تره، ولم تعلم بوجوده. فبالوقت الذي قررنا شراء المعلاق به، انتقلت جدتي للرياض، ولم يستخدم هذا المعلاق غير والدي واخوتي. 

لم تحضر جدتي ملكتي، ولم تحضر معنا مباريات المنتخب التي لا طالما شاهدناها معًا، ولم نخرج لنشاهد الأمطار كما كنا نفعل بعد كل ليلة مطرية. يؤرقني الفراغ الذي تركته جدتي في قلبي وذاكرتي، ذكرى وجودها في المنزل لا زالت حية، وأخشى أن تتجمد ذكرياتي عند تلك اللحظات. 

*

في هذه المرة، لم أكتب قصة من ثلاث كلمات، وإنما آثرت الحديث عن ثلاثة مواضيع مختلفة لكن في نفس الوقت يجمعها مناخ واحد.

فكرتين عن“كومة، درجة الحرارة، ذكرى”

  1. اهلا اهلا سارة!
    احببت انك تكلمتي عن كل كلمة على حده!
    اولاً هاروكي موراكامي، لم استطع ان استسيغ رواياته و لا اعلم لماذا ! ربما قرأتها في وقت لم اكن مستعدة لها و لجنونها، لكن احببت كتبه التي تكلم فيها عن حياته ككاتب و كعداء. هل تنصحين ان اقرأ له؟ و ما هي الرواية التي يجب ان ابدأ بها؟

    درجة الحرارة 🤣 ضحكتيني انك اصبحتي مثل والدك المتقاعد، سبحان الله بعض الشبه بالتصرفات يبهر، فأنا فقدت والدي بعمر السنة و نصف و لا اعرفه الا بالصور لكن كل من حولي يقولون اني اشبهه بالتصرفات و الطباع و حتى طريقة النوم!! سبحان الله الجينات عالم عجيب!

    ذكريات جدتك لن تذهب بعيداً ان شاء الله، هل لها عودة لكم؟ اتمنى ذلك! الجدة روحها في البيت لا مثيل له بين كل افراد للعائلة!
    و الف مبروك ملكتك يا سارة، اتمنى لك حياة سعيدة و زواج كله مودة و رحمة!

    1. قررت هذه المرة أن أجرب شيئًا جديدًا، ولعلها أعجبتني للغاية وأظنني سأقوم بها أكثر. أما بالنسبة لموراكامي، أود للغاية قراءة كتبه عن حياته، وأظنني سأجعلها قراءتي القادمة لأنني كما قلت سئمت الروايات. وأما عن توصياتي فلدي توصية قديمة وغير مألوفة، وهي روايته نعاس، قد تكون جديدة تمامًا عما اعتدتي عن القراءة عنه بقلمه.
      الله يرحم والدك ويغفر له، وفعلًا الجينات عجيييبة!! وأما عن جدتي، فلا أظن أن لها عودة قريبة من غير شر 😔.
      والله يباااارك فيييك ويسعدك امين يارب امييين 🤍🤍🤍🤍🤍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top