الاستشفاء بالكتابة

بعد سنوات من كتابتي لخططي وأهدافي باتباع التقويم الهجري، أكتبها هذه السنة باستخدام التاريخ الميلادي؛ نظرًا للأعمال التي كلّفت باتمامها والتي تم تسيير تنفيذها على التقويم الميلادي. وكان أول يوم من شهر أبريل أول يوم من أيام العشر الأواخر من رمضان، وبذلك كان علي أن أكتب أهداف شهر أبريل بالتفكير بشهر شوال الذي سيكون أغلبه في أبريل.

جلست على المكتب، تسلّحت بقلمي الذي بدأ يفقد لونه من كثرة الاستعمال، وهذه هي المرة الأولى التي يتقشع فيها لي قلم من الخارج، ولن ألوم الجودة لأن هذه علامة على أنني أستخدمه فعلًا لتحقيق أهدافي الكتابية. كتبت بهذا القلم بلا توقف، إلى أن انتهيت بثمانية أهداف لشهر واحد! وهذه قائمة أهداف كبيرة لمدة قد تعتبر قصيرة، لكنها محاولة مني لاسترجاع عاداتي التي فقدتها بسبب رمضان. انتابتني شكوك كثيرة من احتمالية عدم تحقيقها، وأكره أن أرجئ أهداف شهر ما للشهر الذي يليه، إلا أنني بكتابتها قلت لنفسي بأن الأهداف التي تكتب تتحقق، وأن الخطوة الأولى لتحقيق شيء ما هي كتابته.

كأي شخص آخر، لا أفتح الأجندة الخاصة بي يوميًا، مع أنني حاولت لجعلها عادة، ونجحت بالشهر الأول من السنة من فتحها بشكل يومي إلا أنني توقفت عن ذلك بعد مدة، لأنني نجحت بفعل كل العادات التي أكتبها فأصبحت أفعلها بدون الحاجة للتذكير وبدون الحاجة لوضع علامة الصح أمام أي مهمة. وأما عن أهدافي الشهرية فهي في رأسي دائمًا كوني أفرط في التفكير في كل لحظة، فلا أحتاج لفتح الأجندة بشكل يومي، إلا لو احتجت لبناء عادة. إلا أنني بالأمس فتحتها لأتأكد من الأهداف الكثيرة التي وضعتها في بداية الشهر، ووجدتني حققت نصفها! والبقية آتية في الطريق، وبذلك ازداد إيماني بأنني إن أردت تحقيق شيء، فعلي كتابته. وهذه ليست فرضية أحاول وحدي إثباتها، وإنما قرأتها في كتب عدة، وسمعت عنها في الكثير من حلقات البودكاست، بحيث يعمل المخ بالخفاء على التفاصيل الصغيرة لتحقيق الهدف الذي يعتبره المخ مهمة يجب تنفيذها لأنها مكتوبة.

أحاول هذه الأيام بالعمل على تحقيق ما كتبت، بالتوازي مع محاولاتي للتعامل مع مشاعر الفقد، والتي حاولت جاهدة على نبذها وإغراقها تحت مجهودي للعودة للروتين الخاص بي قبل رمضان، إلا أن مشاعري طفت على السطح، تمسك بي وتسحبني للأسفل، تحاول إغراقي وسحبي معها للقاع، وأحاول أنا العوم بعادات صغيرة يومية تساعدني على عيش يومي كيوم عادي بدون أن يكون يومًا أحاول فيه للنجاة.

أكتب اليوم كما كتبت يوميًا في الأسبوع الماضي، أعود لنشر تدوينة يوم الاثنين بعد نبذي لها للأسبوع الماضي. ساعدتني الكتابة لفهم نفسي ومشاعري أكثر، كتبت يوميًا لأتواصل مع نفسي، وللمرة الأولى أشعر بأن الكتابة أنقذتني فعلًا. أحمد الله اليوم بأن جعل لي مخرجًا بها، وأدعو بأن تكون الكتابة دائمًا حاضرة لي وأن أكون حاضرة لها، وألا أتعذر يومًا ما بحسبة الكاتب – التي لا أؤمن بها- عن الكتابة.  

عدت مجددًا للتدوين اليومي المستقبلي، وهي سبعة أسئلة أجيب عنها بشكل يومي تساعد على بناء شخصيتي التي أسعى لتطويرها. عدت للكتابة فور استيقاظي لعدة أسباب، أولها أنني لامست نجاح التدوين اليومي المستقبلي على شخصيتي، فغالبية ما أكتبه ينزرع في داخلي بدون انتباه مني، وبذكري لذلك أحب أن أقول أنني من الأشخاص المؤمنين بالحديث أمام المرآة، وأن ما تقوله لنفسك أمام المرآة ينعكس عليك. وأؤمن أن ترديد العبارات الإيجابية بشكل يومي يملك سحرًا على الذات، وبهذه الكلمات تمتلكون الآن حجة علي ولا أستطيع الهرب في حال وصفتموني بمدمنة الإيجابية، لأنني أشعر بنفسي تتخذ ذلك الطريق بغير حول مني ولا قوة ويجب علي الاعتراف بذلك. أكتب فور استيقاظي لأسخن عقلي، بدلًا من أن أحرقه فورًا ببودكاست أو حلقة من برنامج ما، أكتب لأعطيه خبرًا أنني سأستخدمه. أحاول بهذه العادات الصغيرة أن أعطي نفسي مجالًا للتأمل، للتفكير، أن أتمشى بمهل على بساط الوقت لا أن أركض خوفًا من أن ينطوي علي. وأضيف أنني نبذت عادة الاستماع للبودكاست أثناء تحضير الفطور؛ لأغتنم كل دقيقة من صباحي في تحمية عقلي. أود بشدة الإكثار من الأنشطة البطيئة، وأنوي ذلك ان شاء الله، وأشعر بأن عالمًا جديدًا عجيبًا ينتظرني لزيارته، لكن أولًا علي أن أضع مهارتي بالقيام بالعديد من المهمات معًا على جنب، لأنها أساس فساد خططي البطيئة؛ لأنني أود الجمع بين أكثر من نشاط بطيء معًا مما يجعلها أنشطة سريعة تكلفني دقائق طويلة من القلق من أن أفسد أكثر من مهمة معًا، فلا طبنا ولا غدا الشر.

وحتى أجد نشاطات بطيئة مثيرة للاهتمام لأكتب عنها، إلى اللقاء يا أصدقاء.

*حاشية

هنا السبعة أسئلة للتدوين اليومي

1-     My daily affirmation…

2-     Today I will focus on shifting my pattern of …

3-     I am grateful for …

4-     Three traits my future self will have are …

5-     The person I am becoming will experience more …

6-     I have the opportunity to be my future self today when I …

7-     When I think about the person I am becoming I feel …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top