لا أعلم كيف لي أن أبدأ تدوينة العيد هذه، أهنئ بالعيد بعد مضي ستة أيام؟ أو أغوص بالسرد مباشرة؟ لا أعلم لكنني أود أن أذكر بأن هذا العيد مليء بالانتصارات الشخصية، وقد غيرني كما لم يغيرني أي عيد قبلها.
أولى انتصاراتي هي أنني أعدت برمجة نظرتي لأحدى ملابسي، أمتلك طقمًا من الملابس يذكرني بحادثة سيئة على جميع الأصعدة، وقد تجنبت لبسه لسنة كاملة، تجنبت النظر إليه كليًا، خوفًا من عودة الذكرى المشؤومة، كما لو كان الشعور يرتديني بارتدائي لملابسي، يدخل في يدي، رأسي، لا أن أدخل أنا فيه. ارتديته هذا العيد رغبة بالانتصار، ولا أخفي بأن قلبي كان على وشك الانفجار من ثقل القطن، أثقل قطن قد يرتديه أي شخص، شعرت بأن فقرات ظهري تنصهر فوق بعضها، تقاوم لرفع القماش فوق جلدي، إلا أنني نجحت أخيرًا بصنع ذكرى لطيفة خففت من وطأة ثقل الشعور على كتفي، خففت من وزن القطن، وقارب على أن يكون القطن المتعارف عليه، وسأحاول إلى أن يتحول إلى قماش أخف من الحرير، إلى أن ينزلق من فوق جلدي بدون علمي. -أمزح بخصوص الجملة الأخيرة-
لا أعلم إن كنتم مهتمين بوصفة تشيزكيك لكنني سأذكرها بكل الأحوال. أفضّل دائمًا الأطعمة منزلية الصنع، ألذ وأنظف، ولست ممن يهابون المطاعم أو طبخ العاملات المنزليات، وليس وجود شعره في أكلي إحدى كوابيسي، بل إنني أفضّل الشاورما من أوصخ المطاعم، لأنها الألذ بالطبع، لكنني بعد كل شيء، أفضّل الطعام من المنزل، أفضل المحاولات الجاهدة لموازنة الملوحة، والمحاولات الغير منقطعة لصنع افضل تحلية. ومن هذا المنطلق قررت صنع تشيزكيك لاجتماع العيد الخاص بنا. لا أود التباهي، لكنني فعلًا أصنع ألذ تشيزكيك، وقد عرفت به في العائلة، لكنني مع ذلك ما زلت أبحث عن وصفات أفضل لصنعه، وقد وفقت بوصفة أعتقد بأنها الأفضل حتى هذه اللحظة. لا تحتاجون سوى ثلاثة مكونات لصنع الطبقة الرئيسية، سكر مطحون، جبن كيري مربعات، وكريمة خفق فقط لا غير! سأرفق مقطع نهاية التدوينة للوصفة. الجزء المسلي بصنع التشيزكيك هو الطبقة الأخيرة، تستطيعون تغطية التشيز بأي شيء، قمت بتغطية التشيز خاصتي هذه المرة بصوص التوت، وجزء آخر بكرات الأرز المنفوخة. لم يصدقني أحد بأنني من قمت بصنعه، فقد كان يبدو كصنع مخبز، وقد انتهى في أول شوط من أشواط القهوة، ولم أكون فخورة في سارة العالم كما كنت فخورة فيها في ثاني العيد.
كما يعلم البعض، فأنا أمتلك شخصية اجتماعية، أنشط وأنبسط وأنشحن بتواجدي بين الناس، لكنني في بعض الأوقات والحالات أنغلق على نفسي، ومن تلك الأوقات هي عيد خوالي. لم أستطع أبدًا إظهار شخصيتي الاجتماعية في عيد خوالي، في الإثنين والعشرين سنة الماضية أنغلقت على نفسي أثناء تواجدي بينهم، والسبب يعود إلى أنني لا أراهم كثيرّا لأستطيع التعرف عليهم، بالإضافة إلى أنهم قريبين إلى بعضهم البعض باستثنائي، لذلك ينتابني الشعور بالوحدة وأنا في دائرتهم التي لا تتوقف عن الضحك والرقص. لكنني في هذا العيد بالذات أطلقت العنان لنفسي، أو بشكل ٧٠٪ تقريبًا لأكون كما أنا بينهم. والسبب بعد الله في ذلك ابنة عمي ذات الأربعة عشر سنة، قالت لي في أثناء حديثنا عن معضلتي هذه:”ليش تتوترين؟ ادخلي فيهم، لا تهتمين، اضحكي وارقصي، أنتِ تستطيعين، نحن معك” وكما يحدث في أفلام الكرتون، بينما تكون الشخصية الرئيسية بين الحياة والموت، فجأة تتذكر جملة قيلت لها من أحد أصدقاءها أو من عائلتها، وبقدرة قادر تنقلب موازين المعركة، وهذا ما حصل لي تمامًا، في كل مرة أتوتر بتواجدي هناك، أتذكر وجه ابنة عمي وهي تقول:”أنتِ تستطيعين، نحن معك” لتنقلب موازيني. لا أعلم إن كان هذا مثال على قوة الكلمة، أو على سذاجتي، لكن بكل الأحوال سعدت بهذه النتيجة.
انتصارات أخرى حصلت عليها إلا أنني لن أذكرها هنا، قد يرى البعض انتصاراتي هذه سخيفة بعض الشيء، إلا أنني شعرت بها في كل ذرة من جسمي، واهتز لها كياني، ومضات ضئيلة من الفرح كانت بمثابة النور في نهاية النفق بالنسبة إلي، وما زلت أطمح للمزيد من الانتصارات، والفرح، والمسرة وحتى وإن كانت كحبة خردل، لا تكتب ولا ترى، إلا أنها بلا شك ترجح كفة الميزان. أمتنى لي ولكم المزيد من الضحكات والنوم، والمزيد من النوم.