رحلة المريخ

من أهداف هذا الشهر التي وضعتها هي كتابة تدوينتان على الأقل في المدونة. وصادف أن أعاني هذا الشهر من حبسة الكاتب كما يقال، وإن كنت لا أؤمن بها. إلا أنني فعلًا لم أجد ما أكتب عنه، لا قصص ولا يوميات ولا أي شيء من هذا القبيل، حاولت مرارًا إلا أنني لم أرضَ بما أنتجت، لكن الحمدلله على خطوتي السابقة بإنشاء تصنيف هذا وذاك لمثل هذه الحالات، الكتابة عن لا شيء، وإنما لطرد الحبسة. وما أنا بصدد كتابته لهذا اليوم هو رحلتنا للمريخ، وأستخدم صيغة الجمع لأنني أؤمن فعلًا بذهابنا هناك، وإن لم نذهب نحن فابناؤنا.

استمعت لحلقة بودكاست قبل فترة عن رحلة المريخ هذه، وأبرز سؤال ذكر في تلك الحلقة هو:” إن قُررت رحلتنا للمريخ غدًا، وسمح لك بعشرة حاجيات لأخذها، فماذا ستأخذ؟” ولأنني أحب سماع الكثير من الآراء فإن لم يضحك علي والدي لقمت بسؤال دكتورتي عن رأيها، والتي بعد أن قمت بسؤالها عن الحس الفكاهي لدى البشر، هل هو وراثي أم مكتسب؟ قامت بإعطائي رابط لدراسة أجريت عن هذا الموضوع، وبدون أي كلمة عن رأيها هي، وبتصرفها هذا أيقنت أنها تحب أسئلتي.

سألت جميع من أعرف تقريبًا، أجابت سديم صديقتي:”باخذ كريماتي وشامبو ومعطر جسم …إلخ” وعلى حد علمي، فإن العشرة أشياء المسموحة ستكون كلها منتجات عناية. وقالت رناد:”بروح بدون شيء، حتى بدون جوال، الانسان قبل عاش وانشئ حياة وهو ما عنده جوال” وهذي عاد الله يشفيها، لديها وجهة نظر احترمها حقيقة لكن لا أشيد بها، لأنني أعلم تمامًا بأنها ستتجه لسديم لأخذ شامبو وستأتي إلي لأخذ أقلام وكتب. أما عن عمتي وضحى، نجمة التدوينة السابقة فأجابت إجابة ترقرق القلب:”باخذ عيالي واللي أحبهم” وبعد أن شرحت لها بأنه يتوجب عليها اختيار أشياء وليس أشخاص أجابت:”جوالي، أيبادي، الشاحن، توصيلة…” وهذه إجابة معقولة بنظري وليس كبعض الناس بحرف الرناد.

نسيت الموضوع، ونسيت المريخ بأكمله، لكن اليوم شاهدت الحلقة الثانية من برنامج الرواد للمقدم أحمد الشقيري، حيث قام بمقابلة لشركة ناشئة مصرية، تقوم بتصنيع ملابس إلكترونية، وخطتهم المستقبلية تكمن في تزويد مستعمرة المريخ بالملابس الإلكترونية لتتماشى مع التقدم التقني هناك. لكن لحظة.. كيف سأساهم أنا برحلتنا المريخية؟ دلفت أفكر وأفكر بطريقة لأقنع إلون موسك بتوظيفي، هل أقوم بتأليف قصص أبطالها سكان مريخيون لجذب المزيد من السكان؟ هل أنضم للفريق الابداعي هناك نظرًا لكثرة أفكاري؟ لكن المشكلة تكمن بأنهم قد كونوا الفريق بالفعل. إذًا هل أنضم لفريق الأعمال الجسدية؟ سأحفر وأنقب وأبني المهم أن أساهم بتقدمنا البشري، لكنني تذكرت بأن عمري الجسدي قد يكون ستين في هذه الأيام. لذلك لا توجد طريقة أخرى سوى أن أحاول تأخير إلون موسك عن العمل على حياته العاطفية والبحث عن زوجة إلى حين تخرجي من الجامعة، والله يكتب اللي فيه الخير.

بالعودة للواقع، مع إيماني القوي بقدرتنا على الذهاب للمريخ، إلا أنني آمل بأن نعمل بنفس الجهد أو أكثر على جودة حياتنا الحقيقية، لجودة هوائنا ومائنا وصحتنا ومساكننا. أن نحتفل بإنجازات أدبائنا ومعلمينا وأهالينا كما نحتفل باختراعات العلماء وانجازاتهم الفضائية. أن نتحدث أكثر عن بعضنا البعض وإلى بعضنا بإيجابية وفخر كما نتحدث بحماسة عن إلون موسك وذكاءه وقدراته.

لا أعلم لما أصبحت الفقرة السابقة خطبة، لكن الجدير بالقول بأنني قد حظيت بفرصة للحصول على تذكرة للذهاب للمستعمرة فعلًا، فقد قام شخص لا أعرفه بإضافتي إلى قائمة مكونة من ألف شخص للسحب على تذكرة، والظاهر لي بأنني قد أكون من الحسابات المفضلة لديه على تويتر، لم يقل هذا لكنني أحاول القدعنة هنا، وإلا لما سيضيفني إن لم أكن أنال استحسانه؟ هل يريد التخلص مني مثلًا؟ بالطبع لا. المهم أنني تعرضت لهجوم من أحد الحسابات المشاركة بالسحب على أساس”وش دخلك ضايفك بالسحب؟” أردت البقاء لمجرد العناد لكنني خرجت من القائمة بعد أن شعرت ببعض الشبهات حول ذلك السحب. وسأقوم بجمع مالي وشراء تذكرتي بنفسي ومنة الله ولا منة خلقه.

وأخيرًا، وأنتم ما هي العشرة أشياء التي ستأخذونها معكم للمريخ؟

وإلى اللقاء يا أصدقاء.

*حاشية

والله العظيم إني ما كنت أدري إن ثمانية نزلوا يوم السبت نشرة عن المريخ! بعد انتهائي من كتابة هذه التدوينة، ذهبت لتفقد البريد، وإذا بي أرى نشرة ثمانية عن المريخ والتي نسفت كل ما كتبت في هذه التدوينة هداهم الله. قتلوا رغبتي بالذهاب للمريخ، وقتلوا تدوينتي هذه. لكنني علمت كيف سأساهم بانتقالنا للمريخ، سأقوم بالسيطرة على ثمانية، وسأتخذها كذريعة للذهاب للمريخ لإنشاء فرع هناك، وإن لم أستطع سأستثمر كل أموالهم في رحلتنا تلك، فقط لهدمهم خيالاتي لهذا اليوم.

رابط مقالة ثمانية الهادم للخيالات:

https://thmanyah.com/18250

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top