الإيجابية الوحيدة للعيش في منزل لا تصله خدمات أرامكس

بيت ولد خالتي، حتى هم ما يوصلهم أرامكس

قبل أن أبدأ الخوض في ذكر الإيجابية، أقول بأنني اشتقت وبشدة للكتابة عن يومياتي، سواء هنا أو في تويتر، لكن بمتابعة أحمد الحقيل لي في تويتر أو -إكس- أصبحت الحروف ناقصة العدد، وبذلك أضحت الكلمات صعبة الترتيب، والأفكار تطير في الهواء ولا أستطيع القبض عليها، وتحولت يومياتي التي أسميها بالمغامرات إلى أشباه سوالف ليست حتى جديرة بالذكر، وانقلبت حياتي رأسًا على عقب، بدلًا من الفرح غلفني شعور الارتباك، ولعله أصلًا لم ينتبه لأي من تغريداتي أو تدويناتي، ولعله ضغط زر المتابعة بالخطأ ونسي إلغاءه، إلا أنني وقعت في براثن سؤال” أأكتب من أجلي أم من أجل الناس؟” وأظنني سأحتاج لوقت حتى أجد الإجابة المناسبة.

يريد أخي جريس بيع جهاز السوني الخاص به، ولم نجد مشتريًا من بين معارفنا ليخلصنا منه، مما جعلنا نتجه إلى حراج لبيعه. ولأنني كما تطلق علي أسرتي وخوالي”مدير كبير” أنيطت لي مهمة بيعه، كما تناط لي كل المهمات التي لا يريد أحد القيام بها، كالحضور عن والدي للدوارت المقامة عن بعد وحل اختباراتها، وكحضور المناسبات التي لا تريد والدتي الذهاب إليها، وكأبسطها طلب كوب قهوة لمنيرة التي تتلعثم عند حديثها مع الباريستا، وبخصوص الطلب عن منيرة أود القيام بذلك من دون أن تطلب مني، لأنها في آخر مرة قالت:”أبي آيس تي كراميل” وبعد تداركها للموضوع قالت:”آيس تي بستاشيو كراميل” ولذلك أستقبل طلبها مني باستلام دفة الطلبات بصدر رحب؛ لكيلا ينتشر أمرنا في الزلفي قاطبة بتخبيصنا بين القهوة والآيس تي.

عرضت السوني في حراج، ولم أعلم بأن رقمي يظهر للجميع، فانهالت الرسائل علي، ولم أجد بدًا من تغيير صورة عرضي في الواتس وتغيير اسمي، كطريقة أخيرة للحفاظ على شيء من الخصوصية. حدثني أحدهم بأنه سيشتري السوني من فوره، وكانت بداية محادثتنا مع آذان المغرب، فيقول لي بأنه يريد شراءه الآن قبل خروج وقت الصلاة، وهذا ما دعاني إلى استعجال الإجراءات من أجله، ولم أفكر حينها لما يريد شخص شراء سوني بهذه السرعة، أمسألة شراء السوني بهذه الحساسية للمدمنين الألعاب؟ لا أعلم لكنني أخرت صلاتي من أجله حسبي الله عليه.

سألته إن كان يشاطرني نفس المدينة، أخبرني بأنه من سكانها، سألته عن مكان الالتقاء للاستلام يدًا بيد، أخبرني بأنه “متعامل” مع أرامكس، وسيطلب من أرامكس أن يقوموا باستلام السوني مني وإيصاله له، أخبرته بأننا منزل معزول عن باقي المدينة، وأننا خارج حدود منطقة خدمة أرامكس أو أي خدمة أخرى، أخبرني بألا أهتم لذلك لأنه مرة أخرى “متعامل” مع أرامكس وليست هذه مرته الأولى التي يقوم بها بالشراء بهذه الطريقة، وأنه يعرف من يعمل في الشركة لذلك لا يجب علي أن أقلق بهذا الصدد أبدًا.

قال لي بأنه سيقوم بطلب من أرامكس أن يستلموا الشحنة مني، وبأنه سيعطيني رابطًا لأتم الطلب فيه، أن أسجل معلوماتي للشركة وموقعي، ولكنني يجب أن أسدد خمسة ريالات ليتم الطلب، وسيعيد لي الخمسة ريالات مع مبلغ السوني الأصلي. أخبرته بأن يدفع لي المبلغ الآن ريثما أقوم بتعبئة بياناتي، إلا أنه أخبرني بأنه سيقوم بذلك بعد دقائق معدودة. ولم تخلو تلك الدقائق من الكلام المعسول والدعوات التي لم تكن صادقة والكثير والكثير من كلمات المراجل التي لم تخرج سوى من دجاجة.

دخلت الرابط الذي أعطاني إياه، ولاحظت بأنه ليس موقع أرامكس الذي اعتدت عليه، فأنا من سكان موقع أرامكس، أتتبع شحناتي التي أطلبها في كل أسبوع، وأشير إلى أن كل شيء في الموقع غير قابل للضغط والتصفح سوى خانة البيانات التي طلب مني تعبئتها، واستغربت ذلك وتوجست منه خيفة، إلا أنه أبثرني برسائله واستعجاله لي، مما دعاني إلى الخضوع ونبذ مخاوفي. سألت منيرة التي تتمنى أن تصبح هكرًا ما إذا كان الموقع آمنًا للاستخدام، أخبرتني بأنه كذلك ويجب علي أن أكف عن “الدراما”.

قمت بتعبئة بياناتي، وانتظرت الكود الذي سيأتيني، إلا أن الكود تأخر، وأخبرته بأن الكود تأخر ولا أستطيع فعل شيء حيال ذلك، سألني عن بطاقتي التي استخدمتها للدفع، قلت”بطاقتي الرقمية” وهي بطاقة مشتريات أدفع بها لكل المواقع بدلًا من بطاقتي البنكية الرئيسية، وحالما أخبرته بذلك هلع وأخبرني بأنني مخطئة بفعلتي تلك، وأنه يتوجب علي وضع بطاقتي الحقيقية، وفكرت في نفسي:”أهم شيء أدفع الخمسة، سواء كان من بطاقتي الرقمية أو غيرها” ولذلك لم أستجب لطلبه هذا، وعرضت عليه بأن أقوم بتوصيله أنا بدلًا من أرامكس، فيوفر هو الخمسة ريالات. قال لي بأنه يفضل أرامكس، وأنه مشغول جدًا لاستقبال أي أحد أو الذهاب لأي مكان. سألني إن كان الكود قد وصل، قلت له لن أقوم بهذه العملية بعد الآن، فالموقع غريب وأنا غير مطمئنة لتعبئة بياناتي فيه، وأرامكس أصلًا لا تعرف الحي الذي أنا فيه! ففي كل مرة أطلبهم توصيل شحناتي للمنزل يرفضون ويحتجون بعدم معرفتهم لشارعنا، وأعلم يقينًا بأنهم لن يتغيروا في يومٍ وليلة. لكنه انفجر وقال بأن الموقع آمن وأنني أشدد باحترازاتي وأنني شكاكة، ليختم كلامه قائلًا:”خلاص ما عليك، عطيني رقم بطاقتك وبياناتك وأنا أروح أقرب صرافة وأدبر الوضع.” وبهذا كشفت خدعته الماكرة ولو أن اكتشافي أتى متأخرً بعض الشيء إلا أنني قمت بالإبلاغ عليه وحذفت حسابي تمامًا من حراج.

قمت باستبدال بطاقتي الرقمية، نظرًا لإدخالي لبياناتها لذلك الموقع، وقررت أن أشعل النار في السوني. فقد كانت تلك أكثر الدقائق اضطرابًا التي عشتها في الأيام الماضية. لم أتخيل أن تنطلي علي خدعة كهذه، لأنني أصبحت أكثر احترازًا، إلا أن طرق الخداع ما زالت في تطور مخيف وسريع، وأولاد الحرام في كل مكان، وأنا التي عرضت عليه إيصال السوني له مجانًا، قد أكون أستاهل لطيبة قلبي هذه التي ستؤدي بي إلى خسارة كل أموالي في يوم ما.

وحتى يوم آخر أبيع فيه السوني الناشب في حلقي، إلى اللقاء يا أصدقاء.

*حاشية

للحديث عن الكتب، قرأت مؤخرًا رواية العمى، وبهذه التدوينة أخبركم بأنني قرأت أفضل رواية في حياتي، وأنا لم أقرأ كثيرًا لأحكم حكمًا كهذا، لكنها الأفضل بين قراءاتي كلها حتى هذه اللحظة. وكإنذار بسيط، رواية حوض السباحة لا تستحق أي ثانية في قراءتها، لا شكر على واجب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top