إجابات على أسئلة القطة الفضولية، بمشاركة عمتي وضحى

أهلًا مجددًا!

أمتلك حسابًا على القطة الفضولية، وفي كل مرة أقوم بنشر رابط حسابي لا تأتيني أي أسئلة فضولية، وأظن بأن السبب الرئيس هو أنني لم أخبئ أي شيء يجعل الناس فضوليين تجاهي، كل شيء واضح بشأني، حتى ما سأرتدي غدًا. إلا أنني لم استسلم، فأنا أقوم بنشره مرة واحدة بين فترات متباعدة تحسبًا لأي شيء. وبالأمس قمت بنشره على حسابي في السناب شات تحت سؤال:”أي أسئلة أو اقتراحات؟” ووصلني سؤالين من أكثر من مئة وخمسين مشاهدة. وقررت الإجابة عنهما بتدوينة لأن الإجابة طويلة بعض الشيء.

السؤال الأول يتلخص في:”كيف اتخلص من فكرة إن كل الأشخاص يناظروني وقت الشرح، وإن صوتي يتغير وأتوتر، مع إني أحضّر له بجد؟”

المشكلة يمكن حلها بخطوات بسيطة وتدريب. البداية هي مفتاح الحل، الجاهزية العقلية والنفسية هي الخطوة الأهم، قبل البدأ بالشرح، نقوم بتشغيل زر صغير في العقل يقوم بأخذ الاحتياطات اللازمة لأي مشكلة وخطر محدق قريب، ومن خطوط الدفاع التي يقوم بها هي رجفة اليد، رجفة الساقين، التعرق، إحمرار الوجنتين وأخيرًا حركة اليدين بوضعهما على الجسد لحمايته. ولحل هذه المشكلة يجب أن نبدأ بتغيير الفكرة التي تستحوذ على أدمغتنا بأننا سنفشل وأننا نحتاج لخط دفاع جاهز، ونتقبل فكرة أننا نمر برحلة توتر، وهذه المرحلة هي السبب، إن لم نتقبل مرورنا في هذه المرحلة ستقوم أدمغتنا بزيادة تأثيرها، سنتعرق أكثر، سنشك بنفسنا أكثر، نتوقع الأسوء، لذلك قبولها هو الخطوة الأولى للتخفيف منها. وأقول للتخفيف وليس للتخلص لأن هذه الأعراض لا تختفي، حتى لو كنا نمتلك سنوات من الخبرة، فهي تحدث للجميع، شيء طبيعي جدًا، وما يميز من هم أفضل منا بالحديث هو كيفية إدارتهم لها. بعد تقبّل فكرة أننا نمر بمرحلة توتر تبدأ المرحلة الثانية وهي كيفية التقليل من تأثير هذه المرحلة. في المرحلة الثانوية، اضطررت للوقوف والحديث أمام جموع من الناس لأسباب عديدة، بتخطيط ومن غير تخطيط، ومررت بشتى مراحل التوتر، ومن النصائح والتمارين التي استقيتها من العديد من المؤثرين في هذا المجال وما زلت أقوم بها حتى هذه اللحظة ١- رجفة الساقين يمكن التخلص منها عن طريق الضغط على الأرض بقوة ٢-رجفة اليدين يمكن التخلص منها عن طريق تحريك اليدين في اتجاهات متكررة ومسافات واسعة، وحل آخر يكمن في إمساك شيء والضغط عليه، كقلم أو عصى تأشير ٣-إحمرار الوجنتين يزول عن طريق إمساك شيء بارد، كقارورة ماء باردة ٤-للتحكم في النظرة التي نوجهها للجمهور، لا يجب أن تكون النظرة سريعة وخاطفة بين الجميع، بل أن ترتكز على شحص لثواني معدودة وتنتقل بعدها لشخص آخر، ولمساعدتكم في حساب الوقت، انظروا للشخص كما لو كنت تسكبون له شايًا، إلى حتى امتلاء الكوب

للتخفيف من فكرة أننا نقدم شيئًا لجمهور، وأنهم ينتظرون منا شيئًا، هي أن نفكر بها بأنها محادثة عادية، ولا أحد ينتظر شيئًا من أحد.

بالنسبة لي، كثرة المعلومات التي أقدمها تسبب لي توترًا، وقراءتي لشيء موجود أمامي تسبب لي المزيد من التوتر، لذلك عند قيامي بعرض ما، أقوم بتلخيص النقاط إلى أقصى استطاعتي، وعند شرحي لها فأنا لا أنظر لما كتبته، بل أشرح ما فهمته منها، فعند تحديدي لما سأقوله يزيد توتري بنسيانه، وأنساه فعلًا، لذلك أقوم بشرح ما فهمته سواء كان مطابقًا لما تدربت عليه أم لا. أحرص على وجود ورقة أمامي تحمل المواضيع الأساسية التي سأتحدث عنها، لأتذكرها فقط، وليس لقراءتها. ولأنني أعاني كغيري من البشر الطبيعيين من رجفة اليد فأنا أحاول السيطرة عليها بإشارات للعرض، أو إمساك أطراف الطاولة التي أمامي إذا وجدت، ولا أحاول أبدًا إمساك أي جزء آخر من جسمي لأن ذلك يعزز من وضعية الحماية ويزيد من التوتر. أحرص على وضع مساحة للـ “القدعنة والتخريص والتنكيت” بين كلامي، لأن ذلك يذكرني بأنني أقوم بمحادثة عادية وليست شيئًا ينتظر مني إتقانًا حرفيًا. إعدادي النفسي بسيط، وقد ينفع مع قلة، لكنني أقوم بخداع نفسي، وهذه حقيقة، أقول بأنني الأفضل، ولا أحد نفسي، وأنفخ نفسي قدر استطاعتي، لأصدق ذلك بدون شعور، وأقوم بتمثيله. لا تزعجني نظرات الموجودين لي، لأنني تدربت كثيرًا على احتواءها، لكن لمن يجد صعوبة باحتواءها باستطاعتكم توجيه اهتمام الموجودين لأشياء غيركم، مما يكسبكم وقتًا للتنفس، قد تكون فكرة تشغيل مقطع ممتازة لأخذ قسط من الراحة، وقد تكون فكرة توجيه سؤال للموجودين أيضًا ممتازة فهي ليست مجرد راحة للمقدم، وإنما أيضًا تجعلهم مشغولين بالتفكير بالموضوع المطروح وأكثر اهتمامًا به. أخيرًا، إن كان بمقدوركم زيارة المكان قبل الشرح، فأرجح وأنصح بأن تقوموا بالمشي حول المكان، الوقوف في مساحة الشرح، وحتى التمثيل بأنكم تقومون بالشرح فعلًا، فهذه الطريقة تجعلكم أقل توترًا بخصوص المساحة.

مع أنني ظننت بمعرفتي الكافية حول الموضوع إلا-ليتل دو اي نو- توفرت إجابات أخرى حصلت عليها من عمتي وضحى، سألتها عن رأيها بدافع الفضول إلا أنني لأول مرة أشعر بالامتنان لفضولي.

تقول عمتي وضحى بالرغم من خبرتها الطويلة بالتدريس، ما زالت تتوتر في كل مرة تقوم بها بالشرح أمام مشرفة من التعليم، وخصوصًا في حالة الدروس النموذجية، وكان عقلها يدافع حالة الخطر التي تشعر بها بجفاف حلقها، فيكون حلقها ناشفًا جدًا أثناء الشرح، وطريقتها بالتحكم في حالة توترها تكمن بالحديث الهادئ إلى أن تمسك برباطة جأشها مجددًا. وتكرر عمتي أهمية أخذ نفس أثناء الشرح، فهو يساعد على تهدئة الأعصاب. وتشير إلى أهمية الثقة بالنفس، والثقة بالنفس أثناء الشرح تستوجب الإعداد الجاد قبله، فهي تزيد من فرص التقديم على أكمل وجه وتساعد على تخطي المشاكل بأقل الخسائر.

*****

السؤال الثاني:”إيش أكثر مرحلة كانت ممتعة لك في كتابة كتابك؟”

لم أفكر قط بهذا السؤال، ولكن منذ قراءتي له لم تنفك لحظة واحدة عن زيارتي، مرحلة الإعداد لكتابي. بالرغم من حرصي الشديد على الاستشارة والحوار، قمت بالعمل على كتابي كاملًا تقريبًا بدون أن أخبر أي شخص. ولعدة أسباب لن أتطرق لذكرها الآن، ولم أتوقع أبدًا بأن العمل السري يحمل هذا الكم من المتعة.

بينما كان الجميع يشاهدون أفلامًا، ويصرفون أوقاتهم باللعب والأكل والسفر، كنت أنطوي على خلق القصص، كنت أشعر حينها بأنني متقدمة على أغلب الأشخاص ههه، أحمل هدفًا وأسعى لأجله، وكانت هذه الفكرة تغذيني. ولا أكذب بأن هذه الفكرة أيضًا شكلّت جزءًا من شقائي، حمل نفسي على الجلوس أمام اللابتوب وترك اليوتيوب والمسلسلات للكتابة صعبة جدًا. إلا أنني فعلتها.

الجزء الأكثر إمتاعًا كانت إخبار صديقاتي ومن أعز بأنني سأنشر كتابًا. لم يكن الخبر أنني سأكتب كتاب، فهذه الفكرة تحوم في أذهان جميع الكتاب، لكن خبري كان بأنني انتهيت من كتابة كتابي وسأقوم بنشره فعلًا! تعابيرهم وتشجيعهم لي لا يقدر بأي ثمن.

*حاشية

يبلغ عمر هذه التدوينة ثلاثة أيام، وحينما أبدأ بمرحلة حساب عمر التدوينة أشعر بالضيق، لأنني استغرقت وقتًا مبالغًا فيه، إلا أنني هذه المرة قمت باختبار ما كتبت في تدوينتي قبل نشره، ولذلك فأنا ممتنة لتأخري بكتابتها. أدرس مادة بعنوان -استراتيجيات البحث- وتتطلب المادة القيام ببحث بالطبع، طلبت الدكتورة رؤية المسودة الأولى لما قمنا به، وفجأة خلال المحاضرة، أخبرتنا بأننا يجب أن نقوم بعرض ما قمنا به أمام الطالبات. شعرت بالتوتر بالبداية، إلا أنني خشيت بأن تكون الفتاة التي سألتني هذا السؤال موجودة، فكيف ستأخذ بنصيحتي إن كنت أنا نفسي مثالًا سيئًا؟ قمت باستيعاب مرحلة توتري، قبلت وسلّمت بها، بعد ذلك تنفست بعمق وخدعت نفسي بأنني الأفضل، ونتيجة لذلك أعتقد بأنني كنت خير مثال، فحتى رجفة اليد لم أشعر بها وقتها. لذلك، إن كنتم تبحثون عن أفضل طريقة لأفضل شرح، عليكم بتدوينتي.

حسابي على القطة الفضولية: https://curiouscat.me/sarahaljeraisy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top