اكتب هذه الأسطر في منتصف الليل تمامًا، يوم السبت، أحاول محاربة النوم الذي بدأ مهاجمتي منذ العشاء، انتهيت للتو من الإعداد لشرح سأقوم به بالغد، وسأنام بعد كتابة هذه التدوينة، أو خلالها. والسؤال هنا، لما أقوم بمحاربة النوم لكتابة التدوينة؟ لما لا أقوم بكتابتها بالغد؟ حسنًا، لا أملك الوقت لذلك، ولو أنني أملك الوقت هل سترونني هنا أصرخ في وجوهكم عدم امتلاكي للوقت؟ وأحد أساليبي لمحاربة الضغط، الصراخ كما ترون، ولو أنكم لا تروني فعليًا، لكن مجازيًا.
ونعود لنشرة الأخبار.
الخبر الأول: انتهيت من كتابة النسخة الأولية لبحث التخرج، والتي لم أتوقع أن أصل إليها أبدًا، لكنها بحمد من الله ومنته تيّسرت وكأنها لم تتعسر من قبل. وبعد أن تيّسرت، استوعبت أن كتابة البحث الأكاديمي عملية ممتعة، ولو أنها شيّبت رأسي. قمت بدراسة تحليلية لرواية آرثر قولدن “مذكرات جيشا” ، حللت فيها تقمّص الكاتب للأساليب اللغوية الأنثوية، وكيف استطاع تقمّص شخصية أنثى بشكل شبه مثالي، وسأرى طريقة لأطلعكم عليه بعد إتمامه بإذن الله.
الخبر الثاني:خسرت خمسة درجات من اختبار مكوّن من عشرة درجات، اختبار مادة التقويم اللغوي، وهذه هي المرة الأولى في حياتي التي آخذ بها منتصف درجة في اختبار ما، ولو أنني شعرت برغبة عارمة بالبكاء بعد خروجي من القاعة، إلا أنها اختفت بعد خمس دقائق، وتبلدت مشاعري بعدها تمامًا، ولم يكن الإحساس بالسوء الذي تخيلته، والحمدلله أنني لم أجربه إلا في نهاية مسيرتي الجامعية، وإلا لكنت فقدت الشغف مبكرًا جدًا. وأعتقد بأن السبب يعود إلى إيماني الكامل بأن الخطأ يقع كاملًا على عاتقي، لسببين، أولاهما فقد قفزت تلك الجزئية، ولم أقرأها حتى، ويعود سبب قراري هذا إلى سمعة الدكتورة بأسئلتها السهلة، والتي جربتها قبلًا، فقدت كنت أتوقع نسبة وجود السؤال بالاختبار ب ٥٪ ، لكنني انصدمت أثناء حلي للسؤال الأول بأن قالت الدكتورة:”إذا ما فيه مكان لجواب السؤال الثاني، اكتبوا ورا الورقة” وأنا التي لم أذاكر أي فقرة تبلغ أكثر من سطرين. وثاني سبب هو رسالة دكتورة مادة اللغة والدبلوماسية، أخبرتني بأن الشرح الذي قمت به من أفضل الشروحات التي حضرتها في حياتها، مما جعلني أغتر بنفسي وأقفز آخر فقرة من جزيئة الاختبار.
الخبر الثالث: قررت بدء تحدي كتابة، ثلاثون موضوعًا خلال شهر، لكنني لن أرغم نفسي على الكتابة يوميًا، وكان من المقرر أن أبدأه في بداية هذا الشهر الهجري، إلا أنني لا أظن بمقدرتي على ذلك بسبب الاختبارات النهائية، لذلك فإن أغلب الظن أنني سأقوم بتأجيله للشهر القادم بإذن الله. وعلى سيرة هذا التحدي، أردت كتابة قصة من مواضيعه، كافتتاحية، فبدأت بها بالأمس، وانتهيت منها خلال ساعة واحدة، إلا أنني استيفظت اليوم وأنا أمقتها مقتًا شديدًا، لذلك أعدت كتابتها وبعد انتهائي من كتابتها للمرة الثانية مقتها بشدة أكثر من السابق، وتبلورت في ذهني طريقة لإصلاحها، إلا أنني شتمتها في نفسي، وقلت انتقامًا بأنني سأكملها في الغد، أو في اليوم الذي يليه، ويا أنا يا هي.
الخبر الرابع: نمت خلال كتابتي للأسطر السابقة، لذلك ها أنا بعد يومين أعود لإكمال النشرة.
(مساء الإثنين)
الخبر الخامس: حاربت اليوم دموعي بشدة بسبب محاضرة النقد الأخيرة، فهي آخر محاضرة لأفضل مادة درستها في الجامعة، مادة النقد الأدبي، والتي تدرسها الدكتورة موضي وسيحم. وكما أقول دائمًا فهي”أكول دكتورة” ، في أول محاضرة وأول لقاء لنا في السنة الثانية من الجامعة قالت:”المادة ما يحتاج لها كتاب، لا تشترون كتاب، والاختبارات كلها سهلة ما يحتاج مذاكرة” وكانت تعطينا مادة تسمى بالقواعد التفاعلية أو شيء كهذا، لا أتذكر من اسمها سوى كلمة قواعد، وبعد المحاضرة قلت للمرة الأولى بأنها “كول” أيوجد انطباع أولي أفضل من هذا؟ قالت اليوم بأننا دفعتها المفضلة، وعبّرت عن مشاعرها للمرة الأولى تجاهنا، مما جعلني عاجزة عن الرد والتعليق على تمنياتها لنا بمستقبل مبهر بعد التخرج، فقد أعمتني الذكريات عن رؤية لوحة المفاتيح.
الخبر السادس: كان اليوم حافلًا جدًا، مليئًا بالمشاعر، وتمنيت فعليًا ألا ينتهي. أسمع دائمًا جملة-أتمنى أن يتوقف الوقت- ولم أشعر في أي لحظة من حياتي بأنني أتمنى أن يتوقف الوقت فعليًا، لكنني حقًا تمنيت ذلك اليوم، لا أريده أن يتوقف عند لحظة معينة، لكن أود لو أستطيع إعادة عيش اليوم مرة أخرى. اليوم بالذات كان أكثر الأيام انشغالًا، لدي اختبارين، وشرح، وتقديم النسخة الأولية لمشروع التخرج، لكنني لم أشعر بعبء أي منها، وللمرة الأولى من بداية هذا الفصل الدراسي. لا أعلم السبب بالحقيقة، لكن الجو العام لليوم كان يوحي بالختام، أكره النهايات ولا أطيقها، لكن بالرغم من ذلك كان اللطف يغلّف حقيقة الوداع القريبة.
وحتى تدوينة أخرى لا تشمل كلمات وداعية للجامعة، إلى اللقاء يا أصدقاء.
*حاشية
وجدت أثناء تصفحي للمدونة تدوينات جامعية قليلة، لذلك قررت الكتابة عن ذكرياتي الجامعية بشكل مكثّف، لأحفظ ما تبقى من ذكرياتي في السطور، هنا.