١+٢٢

تدوينة عيد الميلاد الثالثة في المدونة، أكتبها بعد مضي نصف ساعة على دخول اليوم الحادي والثلاثين من مايو، اكتبها على صوت قطرات المطر وصرخات فيصل أخي الأصغر. مضت السنة بسرعة شديدة لدرجة نسياني أصلًا ليوم ميلادي، فلم أتذكره إلا قبل خلودي للنوم، وها أنا ذا اكتبها خوفًا من نسياني لكتابتها في الغد.

تسيطر علي مخاوف عديدة، يتلاشى بعضها بمضي الأيام وبعضها الآخر يستبدل، وفي كل مرة أفرط بالتفكير بشيء ما أجدني أهرع باتجاهه لمواجهته، مؤثرة المواجهة للخلاص، بدلًا من الإنزواء. ازداد قناعة في كل يوم بأن لا شيء يدوم للأبد، لا الأفراح ولا الأحزان، ولسنا سوى بأبنية من طوب، تستبدل الطوبة بالأخرى، يعاد صبغها وترتيبها، وما أن تنهدم حتى يعاد بناءها.

استبدلت طوبًا قديمًا بآخر جديد، واتجهت لتنظيف وتلميع الكثير منها، تعلمت كثيرًا السنة الماضية، واجهت نفسي، درستها، أنّبتها وكافأتها. وأيقنت بأنني لن أصل شيئًا إن لم أسعى، حتى بعدم وجود فرص، تتناثر الفرص بعد السعي. وأقول مجددًا بأن العلاقات الاجتماعية هي أحد أهم أسباب النجاح، فأحرص على خلقها وبنائها على الصدق والصراحة -والقليل من المجاملة فلا ضرر منها- ولا أعلم لما انقلبت التدوينة لخطبة لكن أليست التدوينات الشخصية عن أعياد الميلاد تكتسب هذا الطابع؟

بتخرجي من الجامعة في سنتي الثالثة والعشرين أشعر بالحياة، ومع توجسي المسبق من الحياة بعد الجامعة إلا أنه شعور رائع وجديد، أن أستيقظ وأنام في الوقت الذي أريده، وأن أكتب وأقرأ الكلمات التي أريد، شعور لا يضاهيه شعور. ويجب علي ذكر اكتشافي بأنني سليمة من الأرق، فكنت في دوامة من القلق أثناء سنواتي الجامعية كلها بأنني مصابة بالأرق، فكثيرًا ما ذهبت للجامعة بدون نوم، ولم يكن موضوع حديثي اليومي سوى عن عدم قدرتي على النوم، لكن وبتخرجي من الجامعة اتضح أنني سليمة تمامًا، ولم يكن عدم نومي سوى قلق من الجامعة، قلق من عدم قدرتي على الاستيقاظ، أو قلق الاختبارات وما إلى ذلك من هموم الجامعة، إلا أن أغلب مشاكلي الصحية والنفسية اختفت باختفاء الجامعة من روتيني اليومي.

خلال سنتي الثانية والعشرين رسمت طريقي، ووجدت غايتي، صنعت قرارات مصيرية، عرفت نفسي أكثر وما يجعلني أشعر بالسعادة. تعريفي للإنجاز اختلف، وباختلافه عرفت من أنا وماذا أريد. أصبحت أكثر تحفظًا، وهذا شيء مفاجئ في الحقيقة، ليس لسبب معين لكنني شعرت بحاجتي لأكون أكثر تحفظًا، وارتحت لذلك.

ثلاث وعشرينية، أتعلم عن الحياة بشكل يومي، وأعيش بنظام امرأة ستينية، اسيتقظ صباحًا مع دجاج المنزل، وأتناول عشائي بعد صلاة العشاء وأخلد للنوم بحلول العاشرة. أحلم بمكتبة زاخرة بالكتب والكثير من النباتات، وسلسلة من الكتب الخاصة بي على رف خاص. ما زلت أفكر بتعلم مهارات جديدة، وهوايات جديدة كذلك، وسعيدة بوفرة الوقت للقيام بهذا كله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top